ولما أنهى الكلام على الشركة وما يتعلق بها انتقل يتكلم على المساقاة وأحكامها فقال رحمه الله تعالى:
فَصْلٌ
في المساقاة وأحكامها
أي في بيان ما يتعلق بالمساقاة. وهي عقد بين اثنين على القيام بمؤونة شجر أو نبات بجزء من غلته بصيغة نحو ساقيت، أو لفظ عاملت وهي مستثناه مما نهي عنه وحكمها الجواز. قال رحمه الله تعالى:
" تجوز المساقاة على أصول الثمرة ولو قبل ظهورها إلا بعد بدو الصلاح " يعني أن المساقاة جائزة على أصول الأشجار الثابتة. قال ابن جزي: تجوز في الأصول الثابتة كالكرم والنخل والتفاح والرمان وغير ذلك بشرطين: الأول أن تعقد المساقاة قبل بدو صلاح الثمرة والثاني أن تعقد إلى أجل معلوم.
وتجوز في الأصول غير الثابتة كالمقاثي والزروع بأربعة شروط: الشرطان المذكوران، والثالث أن تنعقد بعد ظهوره من الأرض، والرابع أن يعجز عنه ربه اهـ. قال في الرسالة: والمساقاة جائزة في الأصول على ما تراضيا عليه من الأجزاء. والعمل كله على المساقي، ولا يشترط عليه عملاً غير عمل المساقاة، ولا عمل شيء ينشئه في الحائط إلا ما لا بال له من شد الحظيرة وإصلاح الضفيرة وهي مجتمع الماء، من غير أن ينشئ بناءها، والتذكير على العامل، وإصلاح مسقط الماء من الغرب وتنقية مناقع الشجر، وتنقية العين وشبه ذلك جائز أن يشترط على العامل. ولا تجوز المساقاة على إخراج ما في الحائط من الدواب، وما مات منها فعلى ربه خلفه ونفقة الدواب والأجزاء على العامل، وعليه ذريعة البياض اليسير، ولا بأس أن يلغى ذلك للعامل وهو أحله، وإن كان البياض كثيراً لم يجز أن يدخل في مساقاة النخل إلا أن يكون قدر الثلث من الجميع فأقل اهـ.