تتمة: تقدَّم الكلام في الشفاعة أنها لا تجوز في الحدود فهل تجوز في التعزير أم لا؟ فالجواب أنها جائزة في التعزير؛ قال النفراوي في الفواكه.
تنبيه: سكت المصنَّف عن العفو عن الذي يوجب تعزيره والشفاعة فيه والحكم: الجواز، ولو بعد بولغ الإمام، قاله الحطاب. قال بعض الفضلاء عقب كلامه: وظاهره ولو كان التعزير لمحض حق الله تعالى اهـ. قاله الحطاب نَقْلاص عن لقرافي فيما نَقَله في المسائل الملقوطة.
مسألة: ويجوز العفو عن التعزير والشفاعة فيه إذ كان الحق لآدمي، فإ تجرَّد عن حقَّ الآدمي وانفرد به حقُّ السلطنة كان لولي الأمر مراعاة حكم الأصلح في العفو والتعزير وله التشفيع فيه. وقال القاضي عياض في الإكمال في شرح قوله: لتشفعوا ولتؤجروا: والشفاعة لأصحاب الحوائج والرغبات عند السلطان وغيره مشروعة محمودة مأجور عليها صاحبها بشهادة هذا الحديث وشهادة كتاب الله بقوله: مَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً [النساء: ٨٥] الآية، على أحد التأولين، وفيه أن معونة المسلم في كل حال لفعل أو قول فيها أجْر، وفي عمومه الشفاعة للمذنبين، وهي جائزة فيما لا حدّ فيه من عند السلطان وغيره، وله قبول الشفاعة فيه، والعفو إذا راى ذلك، كما له العفو عنه ابتداء، وهذا فيمن كانت منه الفلتة والزلة، وفي أهل الستر والعفاف أو من طمع بوقوعه عند السلطان. والعفو عنه من العقوبة أن تكون له توبة، وأمَّا المصرّون على فسادهم المشتهرون في باطلهم فلا تجوز الشفاعة لأمثالهم، ولا ترك السلطان عقوبتهم؛ لينزجروا عن ذلك وليرتدع غيرهم بما يفعل بهم. وقد جاء الوعيد في الشفاعة في الحدود. اهـ. الحطاب. ولما أنهى الكلام على ما تعلق بمسائل التعزير والعفو عنه انتقل يتكلم على ما يتعلَّق بما هو أهم وأعم وهو القضاء والدعاوى وأوصاف القاضي وسيرته ونوابه وكتابه وكيفية القضاء وغير ذلك ممَّا لزم عليه وعليهم فيما تعلق بحقوق اللَّه تعالى وحقوق العباد ممَّا لهم وعليهم فقال رحمه الله تعالى: