للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غائب وحبسٍ وعقد. ثم قال: فلا يجوز للمحكَّم أن يَحْكُمَ في هذه الأمور، إنَّما يَحْكُمْ فيها القضاة لتعلُّ الحقوق فيها إمّا للَّه تعالى وإمّا للآدمي. قال الخرشي: والمعنى أنه يجوز للخصمَيْن أن يتفقا على أن يُحَكَّما شخصًا ليس مولى من قِبَل القاضي غير خصم لأحدهما ليَحْكُمَ بينهما في الأموال والجراح العمد ولو عظمَ كقَطْعِ يد لا في غيرهما كحدًّ كما يأتي، فلو حَكَّما خصمًا فإن ذلك لا يجوز، ولا ينفذ حُكْمُه، كما إذا حَكَّما جاهِلاص أو كافرًا أو غير مميّز. والمراد بالخصم هنا من ثبت بينه وبين أحد المدعِيَيْن خصومة دنيوية وإن لم تَصِل إلى العداوة كما يأتي نظيره في الشاهد. ولو شاور الجاهل العلم فيما حَكَمَ فيه وعَمِمَ الحُكْمَ فيه لم يكن حُكْمَ جاهل، ولو حَكَم الجاهلُ أو الخصم أو الكافر كان الحُكْمُ مردودًا اهـ. باختصار.

ثم انتقل يتكلم على أحكام الغائب فيما عليه من الحقَّ فقال رحمه اللَّه تعالى:

فَصْلٌ

في الغائب

أي في بيان ما يتعلَّق بالغائب وهو الذي غاب عن بلد المدّعي.

قال رحمه اللَّه تعالى: "مَنْ أَثْبِتَ حَقًّا عَلَى غَائِبٍ حُكِمَ لَهُ بَعْدَ إِحْلاَفِهِ عَلَى عَدَم الاقْتِضَاءِ وَالإِبْرَاءِ لَه وَالإِحَالَة: يعني أن مَنْ أثبت حقًّا له كالَّيْن عند القاضي على غائب عن بلد المدَّعى فللقاضي أن يسمع دعواه بطلب الشهود فيما ادّعى بإثبات الحقَّ وعدم القضاء والإبراء والإحالة، ثم يَحْلِفُ يمين القضاء، وتسمّى يمين الاستبراء، ويسجَّل القاضي جميع ذلك في كتابٍ مخصوص بالقضايا. وفي تبصرة ابن فرحون: مسأةل: قال القاضي أبو الوليد بن رشد: الحُكمُ على الغائب في مذهب مالك على ثلاثة أقسام: أحدها: غائب قريب الغيبة على مسيرة اليوم واليومين ولاثلاثة، فهذا يُكْتَبُ إليه ويُعْذَر إليه في كل حق، فإمّا وكَّل وإمّا قَدِم، فإن لم يفعل حكمَ عليه في الدَّيْن وبِيعَ عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>