العَدْل إن كان عالِمًا وحَكَمَ صوابًا فإنه يرفع الخلاف ولا ينقض، وكذا المحكم، والمراد بأنه يرفع الخلاف أي في خصوص ما حَكَمَ به، كما إذا حَكَمَ المالكي بفَسْخِ النكاح فليس للحنفي تصحيحه، أو حَكَم الحنفي بصِحَّته فليس للمالكي نَقْضُه، مثال ذلك: كما إذا عَقَدَ رجل على امرأة مبتوتة ونيَّته التحليل لِمَن أبانها ورَفَعَ للقاضي المالكي وحَكَمَ بفَسْخِ النكاح فليس للقاضي الحنفي تصحيحه إذا عَمِمَ بحْكْم القاضي المالكي بفَسْخِه، وكذلك عكسه، أي كما إذا ثبت صِحّة هذا العد وحَكَمَ به القاضي الحنفي، أي حَكَمَ بصِحّة عقد مَنْ نيّضته التحليل فحُكْمُه رافع للخلاف، فليس للقاضي المالكي نَقْضُه بعد عِلْمِه بصِحّة الحُكْم فيه عند الحنفي. هذا معنى كلامه: ورفع الخلاف لا أحَلَّ حرامًا، وإليه أشار الدردير بقوله: والمراد أنه يرفع الخلاف في خصوص ما حَكَمَ به، فإذا حَكَمَ بفَسْخِ عقد أو صِحّته لكونه يرى ذلك لم يججُزْ لقاضٍ غيره يرى خلافه، ولا له نَقْضه، ولا يجوز لمفتٍ عَلِمَ بحُكْمِه أن يفتي بخلافه، وإذا حَكَم حاكم بصحة عقد لكونه يراه وحَكَمَ آخر بفساد مثله لكونه يراه صار كلٌّ منهما كالمجمع عليه في خصوص ما وقع الحُكْمُ به، ولا يجوز لأحد نَقْضُه ولا له، قال عمر رضي الله عنه في الحمارية: ذلك على ما قضينا وهذا على ما نقضي ولم ينقض حُكْمُه الأوّل. اهـ. باختصار. فراجِعْه إن شئت.
قال رحمه الله تعالى:"وَيَجُوزُ التَّحْكِيمُ وَيَلْزَمُ مَا حُكِمَ بِهِ وَإِنْ خَالَفَ قَاضي الْبَلَد" يعني أنه يجوز للخصمَيْن أن يتفقا ويرفعا أمْرَهما إلى رجل فقيه يجعلانه حَكَمًا إذا رضيا بِما يَحْكُمُ عليهما في أمور مخصوصة بشروط مذكورة في كُتُب المذهب. قال في المدوَّنة وغيرها: لو أن رجلَيْن حَكَّما بينهما رجلاً فحَكَمَ بينهما أمضاه القاضي ولا يردُّه إلاَّ ألا أن يكون جورًا بيَّنًا اهـ. قال الدردير في أقرب المسالك: وجاز تحكيم عدْلٍ غير خصم وجاهل ي مالٍ وجُرح لا حَدًّ وقتل ولعانٍ وولاءِ ونسبٍ وطلاقٍ وفسخ وعتقٍ ورُشدٍ وسفهٍ وأمر