للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال رحمه الله تعالى: "وَحُكْمُهُ لاّ يُغَيَّرُ الْبَائِنَ فَلاَ يُحِلُّ حَرَامًا وَلاَ يُحَرَّمُ حَلاَلاً" يعني أن حُكْمَ القاضي لا يَحِلُّ حرامًا ولا يحرَّم حلالاً. قال خليل، ورفع الخلاف لا أحلَّ حرامًا. قال الدردير: وحاصله: أن حُكْمَه صحيح في ظاهر الحال إلاَّ أنه يلزم عليه في الباطن فِعْلُ الحرام. فحُكْمُه المذكور لا يَحِلُّ ذلك الحرام، كما لو ادَّعى إنسان على رجل بَدَيْن دعوى باطلة وأقام عليها بيَّنة زور فطلب الحاكم من المدَّعى عليه تجريحها فلم يقدر على تجريحها فَحَكَمَ له به فالحُكْمُ صحيح في الظاهر، ولكن لا يَحِلُّ للمدَّعى أخْذُ ذلك الدَّيْن ف يالواقع، وكذا إذا لم يَقُمْ ببيَّنة فطلب الحاكم من المدَّعى عليه اليمين فردَّها على المدَّعى فَحَلف، وكذا لو ادَّعى على امرأة بأنها زوجته وهو يَعْلَم بأنها ليست بزوجة له ,اقام على ذلك بيَّنة زور، فطلب الحاكم منها تجريحها فعجزت فَحَكَمَ له بها فلا يجوز له وَطْؤها؛ لِعِلْمِه بأنها ليست بزوجته وإن كان كُكْمُه صحيحًا في ظاهر الحال. وقال الحنفية: يجوز له وطْؤها، وكذا إذا طلَّ رجل زوجته طلاقًا بائنًا فرفعته للحاكم وعجزت عن إقامة البيَّنة الشرعية فَحَكَمَ له بالزوجية وعدم الطلاق لم يَحِلَّ له وَطْؤها في الباطن؛ لعِلْمِه بأنه طلَّقها، وكذا لو كان لرجل على آخر دَيْن ثم وفاه إيّاه بدون بيَّنة فطلبه عند القاضي فقال: وَفَيْتُه لك فطلب منه القاضي البيَّنة على الوفاء فعجز وحَلَفَ المدَّعي أنه لم يوفِهِ فحَكَمَ الحاكم له بالدَّيْن فلا يَحِلُّ للمدَّعى أخْذُه ثانية في نفس الأمر. فالمراد بقوله: لا أحلَّ حرامًا، بالنسبة للمحكوم له. والحاصل: أن ماباطنه مخالف لظاهره بحيث لو اطلع الحاكم على باطنه لم يَحْكُمْ فحُكْمُ الحاكم في هذا يرفع الخلاف ولا يَحِلُّ الحرام. اهـ. بحذف وطرفه من حاشية الصاوي. وقال ابن جزي: حُكْمُ القاضي في الظاهر لا يَحِلُّ حرامًا في نفس الأمر ولا يحرَّم حلالأن خلافًا لأبي حنيفة في عَقْدِ النكاح وحِلَّه. وأجمعوا في الأموال اهـ. وقول خليل:

ورَفْعُ الخلاف، إلخ، أي حُكْمُ الحاكم العَدْل يرفع الخلاف الواقع بين العلماء في المسألة، وكذا غير

<<  <  ج: ص:  >  >>