إذا مات الخليفة أو الأمير فلا ينعزل مَنْ قدّضماه للقضاء، لأن ذلك كان منهما نظرًا للمسلمين ليس لهما فيه حظ، ولا يعزله إلاَّ الخليةف الثاني أو الأمير الثاني اهـ. قال الدردير: ثم إن الخليفة إذا ولي مستوفيًا للشروط لا يجوز عزله إذا تغيَّر وَصْفُه، كأن طرأ عليه الفِسق وُلم الناس، بخلاف غيره من قاضٍ ووالٍ، وكذا الوصيّ بعد موت الموصي، ولا يجوز تعدُّد الخليفة إلاَّ إذا اتسعتوبَعْدَتِ الأقطار، ثم قال بعد كلام طويل: والحاصل أن الخليفة أو غيره إذا استخلف قاضيًا أو غيره لم ينعزل المولى بموت مَن ولاّه، إلاَّ خليفة القاضي إذا ولاّه القاضي بجهة بَعْدَت، لاتساع عَمَلِه فإنه ينعزل بموت القاضي الذي ولاه. هذا حاصل كلامهم فتأمَّله. وأمَّ إذا عزله مَنْ ولاّه فإنه ينعزل قَطْعًا، إلاَّ الخليفة فلا يُعْزَل إن أزيل وَصْفُه إذا ولي مستجمعًا لشروطها، ومحل ما لم يكفر وإلاَّ وَجَبَ عَزْلُه كما تقدَّم اهـ.
قال رحمه الله تعالى:"وَإِذَا اشْتَكاهُ النَّاسُ نَظرَ الوَالي فَإِنْ كَانَ صًالِحًا ظَاهِرَ العَدَالَةِ أَقَرَّه وَإلِلاَّ عَزلَهُ إِلاّ ألَلاّ يَجِدَ غَيْرَهُ" يعني إذا كثر الناس باشتكاء القاضي نظر
الحاكم الذي ولاّه للقضاء فإن كان على الحقَّ ولاصواب أقرّه، وإن كان على الجور والباطل عَزَلَ، كما في ضياء الحكّام نَقْلاً عن تبصرة ابن فرحون. قال: وإذا شُكِيَ للإمام جورُ القضاة أو قاضي الجماعةجور نوابه، فعلى كلًّ أن يسأل الثقاب عنهم إذا لم تُعْرَف أحوالهم، فإن ظهر أهم على طريق الاستقامة أبقاهم وإلاَّ عَزَلَهم. واختُلِفَ فيمَن اشتهر بالعدالة هل يُعْزَل بالشكوى، قاله أصبغ أولأن قاله مطرف. ومَنْ خرج من العدالة عُزِلَ مطلَقًا، ومَنْ شُكَّ فيه عَزَلَه إن وَجَدَ له، وإلاَّ كشف عن حاله، بأن يبعث إلى رجال يوثق بهم من أهل بلده يسألهمعنه سرًّا، فإن صدقوا ما قيل عَزَله ونظر في أقضيته فمَا وافق الحقَّ أمضاه، وما خالفه فَسَخَه، وإن قالوا: لا نعلم إلاَّ خيرًا أبقاه ونظر في أقضيته كما تقدَّم اهـ.