أي إن المصنف عقد هذا الفصل في بيان أحكام سجود السهو وصفته ومحله. والسهو بمعنى الذهول عن الشيء سواء تقدم ذكره أم لا؛ لأنه أعم من النسيان. وحكمه - أي سجود السهو - أنه سنة على المشهور كما في المختصر،
وهو مذهب المصنف، ولذا قال رحمه الله تعالى:" سجود السهو يجزئ عن ترك السنن " وأنه عبر بالإجزاء إشارة لما في حكمه من الخلاف حتى في المذهب. قال ابن جزي في القوانين: سجود السهو واجب وفاقا لأبي حنيفة. وقيل سنة وفاقا للشافعي. وقيل بوجوب القبلي خاصة اهـ وفي الطراز: وجوب البعدي قاله التتائي، وقد علمت أن المشهور سنيته كما تقدم. قال أبو البركات الشيخ أحمد الدردير في أقرب المسالك: يسن لساه عن سنة مؤكدة أو سنتين خفيفتين، أو مع زيادة ولو شكا سجدتان قبل السلام، ولو تكرر إلخ. ولا فرق في سنية سجود السهو بين الفرض والنافلة، كما لا فرق في ذلك بين القبلي والبعدي. وقول المصنف:(يجزئ عن ترك السنن) يشعر بأن غير السنة كالفرض لا ينجبر بالسجود، وهذا أيضا إشارة إلى أن محل السجود ترك السنة المؤكدة كما تقدم بيان ذلك. قال العلامة الشيخ صالح عبد السميع في هداية الناسك: ليس كل نقص ينجبر بالسجود، إذ من النقص ما لا ينجبر إلا بالإتيان به، مثل لو ترك ركنا من الصلاة كالركوع مثلا، ومنه ما لا يطلب له سجود مثل ما لو ترك فضيلة أو سنة خفيفة، بل السجود للفضيلة مبطل للصلاة، وإنما الذي ينجبر بالسجود السنن المؤكدة وهي ثمانية. قراءة ما زاد على أم القرآن، والسر والجهر في الفريضة كل في محله، والتكبير سوى تكبيرة الإحرام، وقول سمع الله لمن حمده، والتشهد الأول، والجلوس له، والتشهد الأخير. ولا يسجد لغير هذه الثمانية، فمن ترك شيئا من هذه الثمانية سجد سجدتين قبل السلام وبعد أن يتمم تشهده الأول والثاني ثم يتشهد ويسلم، إذ من سنة السلام أن يعقب تشهدا، وهو