أي في بيان ما يتعلق بأحكام الوصية، والوصايا جمع وصية، بفتح الياء المشددة، وفي لغة: الوصل، وعرفًا عقد يوجب حقًا في ثلث مال عاقده يلزم بموته أو نيابة عنه بعده. وعرفها ابن عرفة بقوله: هي في عرف الفقهاء لا الفُراض: عقد يوجب حقًا في لثلث عاقده يلزم بموته أو نيابة عنه بعده، فما يوجب حقًا في رأس ماله مما عقده في صحته لا يسمى وصية، كما خرج ما يلزم بدون الموت كالتزام من لا حجر عليه بشيء من ماله لشخص، وزاد قوله: أو نيابة، عطفًا على حقًا ليدخل الإيصاء بالنيابة عن الميت، وأما الوصية عند الفراض فهي: عقد يوجب حقًا في ثلث عاقده فقط، فالوصية عند الفقهاء أعم من الوصية عند الفرائض؛ لأن الوصية عند الفراض مقصورة على الإيصاء بما فيه حق، وأما عند الفقهاء فتنوع إلى وصية نيابة عن الموصي، كالإيصاء على الأطفال وعلى قبض الديون وتفرقة التركة. والنوع الثاني: أن يوصي بثلث ماله للفقراء أو بعتق عبده أو قضاء دينه، وتعريف ابن عرفة مشتمل على النوعين. اهـ. النفراوي.
قال في أقرب المسالك: الوصية مندوبة أي ولو لصحيح؛ لأن الموت ينزل فجأة، ويعرض لها بقية الأحكام لما فيها من زيادة الزاد للميت. اهـ. انظر حاشية الصاوي عليه، وأركانها أربعة: فهي الموصي بالكسر، والموصى به، والموصى له بفتحتين، والصيغة. وعدها ابن جزي ثلاثة بقوله في القوانين: أركان الوصية ثلاثة، وأسقط الصيغة. قال:
الأول: الموصي وهو كل مالك حر مميز، فلا تصح من العبد ولا المجنون إلا حال إفاقته، ولا من الصبي غير المميز، وتصح من الصبي المميز إذا عقل القربة، ومن السفيه ومن الكافر، إلا أن يوصي بخمر أو خنزير لمسلم.
الركن الثاني: الموصى له، وهو كل من يتصور له الملك من كبير أو صغير حر أو عبد، سواء كان موجودًا أو منتظر الوجود كالحمل، إلا الوارث، فلا تجوز له اتفاقًا، فإن أجازها سائر الورثة جازت عند الأربعة، وإذا مات الموصى له