للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

في ستر العورة في الصلاة وخارجها

أي في ستر العورة. والمعنى أن المصنف رحمه الله عقد هذا الفصل في بيان وجوب ستر العورة بقوله: " ستر العورة شرط " أي في صحة الصلاة. قال الخرشي: والعورة في الأصل الخلل في الثغر وغيره وما يتوقع منه ضرر وفساد، ومنه عورة المكان أي توقع الضرر والفساد منه. وقوله تعالى: {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَة} [الأحزاب: ١٣] أي خالية يتوقع فيها الفساد. والمرأة عورة لتوقع الفساد من رؤيتها أو سماع كلامها، لا من العور بمعنى القبح لعدم تحققه في الجميلة من النساء لميل النفوس إليها. وقد يقال المراد بالقبح ما يستقبح شرعا وإن ميل إليه طبعا. وعبارة بعضهم: والعورة وهو القبح، لقبح كشفها لا نفسها، حتى قال محيي الدين بن عربي: الأمر بستر العورة لتشريفها وتكريمها لا لخستها، فإنهما - يعني القبلين - منشأ النوع الإنسان المكرم المفضل اهـ.

قال المصنف رحمه الله تعالى: " وهي من الرجل ما بين السرة إلى الركبة "

يعني أن عورة الرجل التي يحرم النظر إليها مابين السرة والركبة، فيجب على كل رجل مكلف سترها في جميع الأحوال، في الصلاة وخارجها، إلا في الخلوة فمستحبة، وكل ذلك إن قدر ووجد ما يستتر به بأي ساتر كان. وعبارة المصنف شاملة للعورة المغلظة والمخففة، لأن العورة المغلظة هي السوءتان، وهما القبل والدبر وما والاهما من الأليتين والعانة والأنثيين، وما عدا ذلك من الفخذ عورة مخففة في حق الرجل، وفي الرسالة: والفخذ عورة وليس كالعورة نفسها. قال شارحها: فغاية ما يقال إنه يكره كشفه مع غير الخاصة، والحرمة بعيدة لأنه عليه الصلاة والسلام كشف فخذه مع أبي بكر وعمر، ففي مسلم " عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيته كاشفا فخذيه وساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحالة فتحدث، ثم استأذن

<<  <  ج: ص:  >  >>