مكلفا عدلا، أو يقلد محرابا وإن لم يكن من محاريب الأمصار.
انتهى بمعناه. قال ابن جزي: المصلون ثلاثة: متيقن للقبلة، ومجتهد، ومقلد، وهي مرتبة فلا يجوز الانتقال عن واحد إلى ما بعده إلا بعد العجز عنه. فالقطع لمن صلى في مكة، ومحراب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة بمنزلة الكعبة. والاجتهاد لمن صلى في سائر الأقطار إن قدر عليه، والتقليد لمن عجز عن الاجتهاد فيسأل مسلما
عاقلا عارفا بالقبلة ويقلده، فإن عدم من يقلد فقيل يصلي إلى حيث شاء، وقيل يصلي أربع صلوات إلى أربع جهات اهـ. وقد تقدم أن المعتمد من القولين الأول.
قال المصنف رحمه الله تعالى:" وداخل القرية المسلمة يعمل على محرابها " يعني أنه قد تقدم أن غير المجتهد إذا لم يجد مجتهدا يدله على القبلة يقلد المحراب وإن لم يكن من محاريب الأمصار، هذا إذا كان بلدا عظيما حضر نصب محرابه إلى جهة الكعبة جمع من العلماء العارفين، وذلك كبغداد ومصر والإسكندرية وإلا فلمجتهد أن يعتمد على اجتهاده. قال في المختصر: ولا يقلد مجتهد غيره ولا محرابا إلا لمصر. وفي المواق: قال ابن القصار: يجوز تقليد محاريب البلاد التي تكررت صلواتها ونصبتها الأئمة، القباب: وهذا إذا لم تكن مختلفة ولا مطعونا عليها انظر المواق اهـ. قال الخرشي: وقوله ولا يقلد محرابا، يريد إن كان البلد الذي هو فيه خرابا، أما لو كان البلد عامرا: تتكرر فيه الصلاة ويعلم أن إمام المسلمين قد نصب محرابه، أو اجتمع أهل البلد على نصبه فإنه يجب أن يقلده، وهو معنى قوله إلا لمصر، ولا يجوز له الاجتهاد حينئذ اهـ.
ولما أنهى الكلام على الشرط الأول انتقل يتكلم على الشرط الثاني وهو الستر، ولما كان ستر العورة شرطا من شروط صحة الصلاة على القادر عليه أفرده المصنف بالفصل استقلالا واعتناء بشأن ذلك في الصلاة وخارجها، فقال رحمه الله: