ولما أنهى الكلام على السلم انتقل يتكلم على ما يتعلق بالقرض وأحكامه، وهو شبيه بالسلم لما فيهما من دفع معجل في غيره، ولذا ذيله به فقال رحمه الله تعالى:
فَصْلٌ
في بيان ما يتعلق بالقرض وهو بمعنى السلف
أي في بيان ما يتعلق بالقرض وأحكامه، ويسمى سلفاً أيضاً وهو لغة أهل العراق، ويطلق على القرض فيما لا منفعة فيه للمقترض سوى الثواب من الله تعالى، وعلى المقترض رده كما أخذه. وعرفه ابن عرفة بقوله: هو دفع متمول في عوض غير مخالف له لا عاجلاً تفضلاً فقط، لا يوجب إمكان عارية لا تحل متعلقاً بذمة اهـ. وبدأ المصنف بحكم القرض ولم يبدأ بتعريفه كما فعل غيره كالدردير في أقرب المسالك. فإنه قال: القرض إعطاء متمول في عوض مماثل في الذمة لنفع المعطي فقط، وهو مندوب اهـ.
قال رحمه الله تعالى:" ويجوز قرض ما سوى الإماء، وأجازه ابن عبد الحكم من محرم وتلزم قيمتها بالوطء " يعني كما قال في الرسالة: والسلف جائز في كل شيء إلا في الجواري. قال شارحها قوله: إلا في الجواري أي لمن تحل له على تقدير ملكها، فلا يجوز سلفها له، لما في ذلك من عارية الفروج، لأن المقترض يجوز له أن يرد نفس الذات المقترضة، وربما يكون ردها بعد التلذذ بها ولذا لا يحرم إقراضها لمن لا يتأتى منه الاستمتاع كصغير وشيخ فان، أو كان المقترض امرأة أو كانت الجارية لا تُشتهى، ولذا قال خليل: إلا جارية تحل للمستقرض، وردت إلا أن تفوت بمفوت البيع الفاسد فالقيمة ولا ترد كاستيلادها اهـ.