إلا أنه يؤدي إلى الجهل بالمقدار في تلك الأشياء كالجهل بالمعيار. قال الدردير: وفسد بمعيار مجهول أي كزنة هذا الحجر أو ملء هذا الوعاء. اللهم إذا قصد بعدم التقدير التحري عند عدم آلة الوزن أو الكيل في إسلام رأس مال السلم فيجوز حينئذ أن يضبط ذلك بالتحري لعدم آلة الكيل أو الوزن أو الذرع. وحاصل ما ذكره الصاوي في حاشيته على أقرب المسالك أنه قال: إذا فقدت آلة الوزن وكنا نعلم قدرها واحتجنا للسلم في اللحم مثلاً فيجوز أن يسلم الجزار في مائة قطعة مثلاً كل قطعة لو وزنت كانت رطلاً أو رطلين مثلاً، وكذلك إذا عدمت آلة الكيل وعلم قدرها واحتيج للسلم في الطعام فيقول المسلم للمسلم إليه: أسلمك ديناراً في قمح ملء زكيبتين مثلاً كل زكيبة لو كيلت كانت إردباً مثلاً آخذه منك في شهر كذا. هذا معنى ضبط السلم بالتحري على أحد التأويلين. والتأويل الثاني يقول: المراد أن تأتي للجزار بحجر أو بقطعة لحم مثلاً وتقول له: أسلمك في مائة قطعة من اللحم كل قطعة لو وزنت كانت قدر هذا الحجر أو قدر هذه القطعة، والفرض أنه لا يوزن اللحم بعد حضوره بهذا الحجر أصلاً بل إذا جاء أعطى المسلم
إليه للمسلم مائة قطعة مماثلة لذلك الحجر تحرياً بدون أن توزن وإلا فسد. ومن ذلك لو أتى لصاحب القمح بقفة لا يعلم قدرها ويقول له أسلمك ديناراً في قمح لو كيل بهذه لكان ملأها مرة أو مرتين آخذه في يوم كذا. ولا يكال بها عند حضوره بل تتحرى المماثلة كملئها مرة أو مرتين وإلا فسد للجهل. فالتأويل الأول لابن أبي زمنين. والثاني لابن زرب اهـ قال الجزيري: ويصح السلم في الخضر والحشائش كالبرسيم ويضبط بالحمل بكسر الحاء، كأن يقول له: أسلمك جنيهاً في مائة حمل برسيم كل حمل ملء هذا الحبل، ويوضع الحبل تحت يد أمين أو يقاس طوله وسمكه بمقياس مخصوص ويكتب في ورقة، ومثل ذلك الكراث والكزبرة، ولا بد من تكون آلة الكيل أو الوزن معلومة، فإذا ضبط بشيء مجهول كملء هذه القطعة مثلاً أو وزن هذا الحجر ولم يكن مقدراً