ذلك، فإن اتحد الجنس منع التفاضل " قوله ما عدا النقد والمطعومات، وفي نسخة ما عدم التقدير والمطعومات، فالمعنى على ما في النسخة الأولى وهي الصحيحة أنه يجوز دفع رأس مال السلم من جميع أنواع العروض بعضها في بعض ما عدا النقد والمطعومات، ولا يجوز تسليم الذهب في الذهب ولا تسليم الفضة في الفضة ولا العكس، ولا تسليم الطعام في الطعام ولو اختلفا جنساً، لما في ذلك من الربا، وأما غيرهما فجائز تسليم العروض في غير جنسها أو في جنسها بشرط اختلاف الأغراض والمنافع حتى الحيوان بعضها في بعض إذا اختلفت المنافع والأغراض اختلافاً بيناً. قال الدردير كما في المختصر: ولا يكونا طعامين ولا نقدين ولا شيئاً في أكثر منه أو أجود كالعكس، إلا أن تختلف المنفعة، كفاره الحمر في الأعرابية، وسابق الخيل في الحواشي، وجمل كثير الحمل أو سابق في غيره، وقوة البقرة وكثرة لبن الشاة إلا الضأن على الأصح اهـ قال ابن جزي في الشرط الثاني من شروط السلم: وأن يكونا مختلفين تجوز فيه النسيئة بينهما، فلا يجوز تسليم الذهب والفضة أحدهما في الآخر لأن ذلك رباً، وكذلك تسليم الطعام بعضه في بعض ممنوع على الإطلاق لأنه رباً، ويجوز تسليم الذهب والفضة في الحيوان والعروض والطعام، ويجوز تسليم العروض بعضها في بعض، وتسليم الحيوان بعضه في بعض بشرط أن تختلف الأغراض والمنافع، فلا يجوز مع اتفاق الأغراض والمنافع، لأنه يؤول إلى سلف جر منفعة. ومنع أبو حنيفة السلم في الحيوان اهـ بحذف. وهذا أصح وأبين مما يأتي في معنى عدم التقدير كما ستقف عليه عن قريب إن شاء الله.
وأما الكلام على ما في النسخة الثانية وهي قوله ويجوز إسلام ما عدم التقدير قلت: الشيء الذي عدم التقدير لا يجوز تسليمه بأن يكون رأس المال في السلم ولا في المسلم فيه، لأن بالتقدير يعلم قدر كل شيء، إما بالكيل في المكيل، وإما بالوزن في الموزون وإما بالعد في المعدود أو بالذرع في المذروع، وأيضاً عدم التقدير في رأس المال يؤدي إلى عدم الضبط في المسلم إليه، وإن كان الضبط يحصل بالوصف في الأشياء المذكورة