ولما أنهى الكلام على ما يتعلق ببيع المميز والعبد المأذون وغيره انتقل يتكلم على بيع الغائب فقال رحمه الله تعالى:
فَصْلٌ
في بيان بيع الغائب عن مجلس العقد
أي في بيان ما يتعلق ببيع الشيء الغائب وهو ضد الحاضر. واعلم أن بيع الغائب على ثلاثة أقسام: أحدها: أن يباع بالصفة على اللزوم، وجوازه مشروط بغيبته، ويكفي غيبته ولو عن مجلس العقد، ولا يشترط أن يكون في رؤيته مشقة، ولا غيبته عن البلد المأخوذ من المدونة. ثانيها: ألا يبعد مكانه جداً كخراسان من الأندلس، كما يشترط ذلك في كل مبيع على اللزوم، ومثل غيبته عن مجلس العقد حضوره به حيث كان في رؤيته مشقة أو فساد، وأما الحاضر بمجلس العقد ولا مشقة ولا فساد في رؤيته فلا بد في صحة العقد عليه من رؤيته حيث كان البيع على اللزوم. وثالثها: أن يكون بوصف غير البائع إن اشترط نقد الثمن فيه وإلا جاز ولو بوصفه على المعتمد، وأن يكون المشتري يعرف ما وصف له معرفة تامة اهـ. قاله النفراوي.
قال رحمه الله تعالى:" يجوز بيع الغائب على رؤية متقدمة. فيما يؤمن تغيره، وعلى رؤية البعض، فإن خالف الباقي ثبت الخيار " يعني كما قال في الرسالة: ولا بأس ببيع الشيء الغائب على الصفة، ولا ينقد فيه بشرط إلا أن يقرب مكانه، أو يكون مما يؤمن تغيره من دار أو أرض أو شجر فيجوز النقد فيه اهـ. قال ابن جزي: يجوز في المذهب بيع الشيء الغائب على الصفة أو رؤية متقدمة، وأجازه أبو حنيفة من غير صفة ولا رؤية، ومنعه الشافعي مطلقاً. ويشترط في المذهب في المبيع على الصفة خمسة شروط: