قال رحمه الله تعالى:"الصُّلْحُ جَائِزٌ عَلَى الإِقْرارِ والإِنْكَارِ إلاَّ مَا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلالاً" يعني كما في الرسالة، ونصُّها: والصُّلْح جائز إلاَّ ما جرَّ إلى حرام. ويجوز على الإقرار والإنكار. قال شارحها: هذا بعض حديث، ولفظه قال صلى الله عليه وسلم "الصُّلْح جائز بين المسلمين إلاَّ صلحًا حرَّم حَلالاً أو أحَلَّ حرامًا، والمسلمون شروطهم إلاَّ شَرْطًا حرَّم حَلالاً أو أحَلَّ حرامًا" اهـ حديث حسن رواه الترمذي وإن كان عينًا جاز الصُّلْح عنه بعَرْض ورواه ابن حبان وصحّحه.
قال النفراوي مثال الصُّلْح الذي جرَّ إلى حرام، الصُّلْح عن الدَّين الشرعي بخمر أو خنزير، وكالصُّلْح عن الذهب المؤجَّل بالورق ولو على الحلول. ومثال الذي حرَّم حَلالاً الصُّلْح عن ثوب بسِلْعة بشرط أن لا ينتفع بها، أو بثمر قبل بُدُوَّ صلاحه على شرط الجذّ. ويجوز على الإقرار ويكون تارة بَيْعًا إن وقع على أخذ غير المقِرَّ به، كأن يكون له عليه عَرْض أو حيوان ويُصَالح عنه بدراهم، وتارة يكون إجارة وذلك كأن يكون له عليه ذات معينة كثَوْبٍ أو عبد فيصالحه عن ذلك بمنافع دار مدّة من الزمان، وتارة يكون هبة وذلك كما إذا كان له عليه مائة] [١٤][١٥] فثصالحه عنها بخمسين، وهذا في الحقيقة إبراء. قال خليل مشيرًا إلى تلك الأحوال بقوله: الصُلْح على غير المدَّعى به بَيْعٌ أو إجارة، وعلى بعضه هبة. ويجوز عن الدَّين بِما يُباع به، فإن كان عَرْضًا جاز الصُّلْح عنه ولو بعين حالة وعن الذهب الورق وعكسه حيث حلاَّ وعُجَّ المُصَالَح به.
ويجوز الصُّلْح أيضًا على الإنكار وعلى مقتضى السكوت. قال خليل: وعلى الافتداء من يمين أو السكوت أو الإنكار. والمعنى أنه إذا توجهت يمين على شخص فإنه يجوز له أن يُفْتَدَى منها بالمال ولو عَلِمَ براءة نفسهعلى ظاهر المدوَّنة، وهو المعتمد خِلافًا لِمَن أثمه من أربعة أوجه. وجواز الصُّلْح عن هذه المذكورات إنَّما هو بالنظر إلى العقد وأمَّا باعتبار الباطن بحيث يحِلُّ تناول ما وقع به الصُّلْح فإن كان الصادق المنكر فالمأخوذ منه حرام وإلاّّ فحلال اهـ. النفراوي.