مَنْ قذف قومًا فلم يحدّ حتى حُدَّ في شُرْبِ الخمر فقد سقطت عنه كل فرية كانت قبله. قال ابن رشد: لأنهما من جنس واحد اهـ. نَقَلَه زروق في شرحه على الرسالة. قال العلاّمة ابن جزي في القوانين: مسألة تداخل الحدود وسقوطها وكل ما تكرَّرر من الحدود من جنس واحد فإنه يتداخل كالسرقة إذا تكرَّرت أو الزَّنا أو الشُّرب أو
القَذْف. فمتى أقيم حدٌّ من هذه الحدود أجزأ عن كل ما تقدَّم من جنس تلك الجناية، فإن ارتكبها بعد الحدّ حُدَّ مرةً أخرى، وإذا اختلفت أسباب الحدود لم تتداخل، ويستوفي جميعها كالشُّرْب والزَّنا والقَذْف إلاَّ أنّ حدَّ الشُّرْب يدخل تحت حدَّ القذف؛ لأنه فرع عنه فيغني أحدهما عن الآخر. ولا تسقط الحدود بالتوبة ولا بصلاح الحال ولا بطول الزمان، بل إن ثبتت ولم يكن أقيم علهي فيها الحدُّ حُدَّ حيث ثبتت، وإن كان بعد حين. وكلُّ حدًّ اجتمع مع القتل فالقتل يغني عنه، إلاَّ حدَّ القذف فإنه يُحَدُّ وحينئذٍ يُقْتَل اهـ بحروفه.
قال رحمه الله تعالى:"ويَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ" يعني أنّ الحدّ يسقط بالشبهة لخبر: ادرؤوا الحدود بالشبهات، وسُمَّيَتِ الشبهوُ شبهةّ لأنها تشبه الحقَّ ولها أمثلة كثيرة: منها أن يطأ الرجل امرأة يظنها زوجةَ أو أمَةً له أو يطأ الأب أمَة ابنه أو أمَة بنته ولو عَمْدًا، فلا يلزمه إلاَّ القيمة. قال مالك في الموطَّأ في الرجل يقع على جاية ابنه أو ابنته: إنه يُدرَأُ عنه الحجدُّ وتُقامُ عليه الجارية حَمَلَتْ أو لم تَحْمل. وقال في الرجل يحلّ للرجل جاريته: إنّه إن أصابها ال ١ ي أُحِلّت له قُوَّمت عليه يوم أصابها حَملت أو لم تَحْمل، ودُرئ عنه الحدُّ بذلك، فإن حَمَلَتْ أُلْحِقَ به الولد. ولَفْظْ المدوَّنة: فإذا وطئها دُرئ عنه الحدُّ بالشبهة ولزمته القيمة فيها اهـ. الشبهة تدخل في جميع الأبواب وهي من جوامع الكلم. قال ابن يونس: رُوِيَ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال::ادرؤوا الحدود بالشبهات". ويقال: ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فلأن يخطأ حاكم من الحكام في العفو خير من