أن عمر بن الخطاب استشارَ في الخمر يشربها الرجل فقال له عَلِيُّ بن أبي طالب: نَرى أن تَجلِدَه ثمانين فإنه إذا شرِبَ سَكِرَ وإذا سكرَ هَذَى وإذا هذَى افتَرَى، أو كما قال فجَلَدَ عُمَرُ في الخمر ثماني. هذا في الحرّ، وأمّا فيالعبد فقد روى مالك عن ابن شهاب أنه سئل عن حدّ العبد في الخمر فقال: بلغني أن عليه نِصْفَ حدَّ الحرَّ في الخمر، وأنّ عمر بن الخطاب وعثمانَ بنَ عفانَ وعبدَ الله بنَ عمرَ قد جَلَدُوا عبيدًا لهم نِصْفَ حدَّ الحرَّ في الخمر اهـ.
قال رحمه الله تعالى:"إِذَا صَحَا" يعني أنه لا يُحَدُّ الشارب في حال سُكْرِه حتى يزول عنه سُكْرُه فحينئذ يُقام عليه الحَدُّ. قال الخرشي: لانعقاد إجماع الصحابة على ذلك بعد عثمان، فلو جَلَدَه الإمام قبل صَحْوِه فإن الحدَّ يُعاد عليه ثانيًا؛ لعدم فائدة الحدَّ وهو التألُّم والإحساس، وهو منتفٍ في حالة سُكْرِه اهـ. ثم ذكر ما يثبت به الحدُّ وهو ثلاثة أشياء: إمّا الإقرار وهو الاعتراف، وإمّا الشهادة، او وجود الرائحة.
قال رحمه الله تعالى:"اعترف أو شهد عدلان بشربه أو استنكهاه فوجدا ريحه" يعني يجب الحدّ على مَنِ اعترف على نفسه أو شهد عليه عدلان بشربها، أو وجدّا ريحه عنده. قال ابن جزي في القوانين فيما يثبت به الحدُ: وهو الاعتراف، أو شهاد رجلَيْن على الشُّرْب، ويُلْحَق بذلك أن تُشَمَّ عليه رائحة الشراب خلافًا لهما، ويشهد بذلك مَنْ يعرفها، ويكفي في استنكاه الرائحة شاهد واحد؛ لأنه من باب الخبر اهـ. وكان عمر بن الخطاب وجد ريح مُسْكِر عند رجل فسأل عنه فقالوا: إنه مُسْكِر فجَلَدَهُ عمر الحدّ تامَّا اهـ. الموطَّأ بمعناه.
قال رحمه الله تعالى:"فإن شرب وقذف تداخل ما لم يُحد لأحدهما" يعني فلو شرب وقذف فلا يتعدّد الحدُّ لذلك؛ لأن حدَّ أحدهما يندرج في آخر ما لم يحدَّ في أحدهما ثم فعل آخر فيحدّ ثانيًا كما تقدَّم. وفي الموطأ عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن