ما تقدَّم بقوله رحمه الله تعالى:"كالْقَبْرِ لِلكَفَنِ وَالْمَسْجِدِ لِفِراشِهِ وَآلتِهِ وَبَابِهِ وَالْحَمَّام" يعني كما تقدَّم أن القبر حِرْزٌ إلخ. قال في الرسالة: وكذلك الكفن من القبر، أي إذا خرج به من القبر وكان الكفن نِصابًا ولم
يَزِدْ على الكفن الشرعي فغنه يُقْطَع به. وأمَّ مَنْ سرق ما زاد على الشرعي فلا قطع به على المعتمد كما مشىي عليه في المجموع اهـ. نَقَلَه الصاوي. قال لمالك: والأمر عندنا فيمن يَنبِشُ القبور أنه إذا بلغ ما أخرج من القبور ما يجب فيه القَطْعُ فعَلَيه فيهالقَطْع. قال: وذلك أنّ القبر حِرْزٌ لِما فيه كما أنّ البيوت حِرْزٌ لِما فيها. قال: ولا يجبُ عليه القَطْعُ حتى يخرج به من القبر اهـ. الموطَّأ. وكذلك المسجد حِرزٌ لنحو حصره وبسطه حيث كانت تترك فيه. فإن كانت تفرض نهارًا فقط فَتُرِكَتْ ليلةً فَسُرِقَ منها فلا قَطْع، كما أنه لا قطع على مضنْ سرق متاعًا نَسِيَه ربّه بالمسجد. وأمَّا مَنْ سرق بسطه أو قناديله أو غير ذلك من آلته فإنه يقطَعُ ولو لم يخرج به إذا أزاله عن محله إزالة بينة؛ لأنه لا يُشْتَرَطْ في قَطْع مَنْ سرق مِن المسجد أن يخرجه منه كما في الدردير. قال ابن جزي في القوانين: لا يُقْطَعُ مَنْ سرق قناديل المسجد خلافًا للسافعي أهـ. راجع الحطاب عند قول خليل عاطفًا على ما يوجب القَطْع: أَوْ أزال بابَ المسجد أو سقفه، أو أخرج قناديله أو حصرَهُ أو بُسُطَه إن تركت به أو حمّام إن دخل لسرقة إلى قوله: وصُدَّق مدَّعي الخطأ. قوله: الحمّام حاصل مسألة الحمّام كما في الخشري أنّ مَنْ دخل الحمام لأجْل السرقة وسرق منه فإنه يُقْطَع، وأمَّا إن أذن له في دخوله فدخله وسرق فلا قطع عليه، يُعْلَم ذلك من قرائن الأحوال. وكذلك يُقْطَع من نقب الحمّام أو تسوَّ {عليه ونزل إليه وسرق ما قيمته ثلاثة دراهم إذا أخذ خارج الحمّام. وأمَّا مجرَّد النقب فلا قطع فيه، وكذلك يُقْطَع مَنْ أخذ من ثياب الحمّام من غير إذن الحارس له في تقليب الثياب، وأمَّا إن أذِن له في تقليب الثياب فأخذ غير ثيابه فإنه لا يُقْطَع عليه، وسواء دخل لسرقة أم لا؛ لأنه خائن. وحيث قُلْنا بالقَطْعِ محله ما لم يدَّعِ أنه أخطأ فإن ادَّعى ذلك صَدُقَ إن أشبه قوله اهـ.