ما لم يحصل للمقيم ضَرَرٌ بسبب تقديم المسافر عليه، فإن حصل الضرر فإنه يُصار إلى القُرْعة، وكذلك يقدّم الذي يُخشى [١٥٣]
* * *
فواته إذا قُدَّم غيره عليه، فإن لم يعلم السابق منهما بل استويا في السبقية بأن حضرا معًا أو مرتبَيْن إلاَّ أن الأول لم يَعْلَم فإنه يُصار إلى القُرْعة، وصِفَتُها أن تُكْتَبَ أسماؤهم في رِقاع وتُخْلط فَمَن خرج اسمه قُدَّم على غيره اهـ. بحذف.
قال رحمه الله تعالى: "فَإِنْ تَعَدَّى أَحَدُهُما أَوْ قَالَ مَا يُكْرَهُ فَالأَدبُ أَمْثَلُ مِنَ العَفْوِ وَلاَ يَغْضَبُ لِقَوْلِهِ اتَّق اللَّهَ: يعني كما قال خليل: وتأديب مَنْ أساء عليه إلاَّ في مث لاتق اللَّه في أمري فليُرْفَقْ به. قال ابن الحاجب: ويجب عليه أن يؤدَّ أحد الخصمَيْن إذا اساء على الآخر، وينبغي ذلك أيضًا إذا أساء على الحاكم. وأمَّا إن قال له: اتقِ اللَّه فلا ينبغي أن يغضب. قال ابن عبد الحكم: إن قال للقاضي: اتق الله فلا ينبغي أن يضيق لذلك، ولا يكترث عليه وليثبت، ويجيبه جوابًا ليّنًا يقول له: رزقني اللَّه تقواه وما أمرتَ إلاَّ بخير ومِنْ تقوى اللَّهِ أن نأخذ منك الحقّ إذا بان، ولا يظهر بذلك غضبًا اهـ. قال في المدوَّنة: ومَنْ آذى مسلمًا أُدَّب. قال ابن ناجي: ظاهره وإن لم يحضر المؤذَى؛ فإن القاضي يؤدَيه إذا كان ذلك بحضرته وهو كذلك، وكون القاضي لا يحكم بعِلْمِه فيما كان بمجلسه إنَّما هو في الأموال وأمَّا هذا فيحكم اهـ. وتقدَّم في التعزيزات أنه إذا شتم أحد الخصمَيْن صاحبه زجره الحاكم. وقال خليل أيضًا عاطفًا على ما يوجب التعزيز: ومَنْ أساء على خصمه أو مُفتٍ أو شاهد لا بشهدتَ بباطل كلخصمه كذِبْتَ. قال شارحه، يعني أن القاضي يجب عليه أن يؤدَّب مَنْ أساء على مَنْ ذكر إن وقعت الإساءة بين يديه من أحد الخصمَيْن على الآخر كيا ظالم يا فاجر أو على المفتي أو الشهود كتفترون عليّ وتشهدون عليّ لا أدري أكلَّم مَنْ، فإنه يعزره لأن وظيفة القاضي أنه مرصد لخلاص الأعراض، كما أنه مرصد لخلاص الأموال، ولا يحتاج فيما ذكر لبيَّنة بل يستند إلى عِلْمِه لتوقير مجلس الشرع، والحقُّ حينئذٍ للَّه لا يَحِلُّ القاضي تَرْكَه اهـ. باختصار.