للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الحوادث أكثر من إقرارها لَما رُفِعَتْ إليه، مثل أن يُرْفَعَ إليه نِكاح امرأة زوجَّت نفسها بغير وَلِيًّ فأقرَّه وأجازه ثم عُزِلَ وجاء غيره فهذا ممَّا اختُلِفَ فيه. فقال ابن القاسم: طريقه طريق الحُكْم، وإمضاؤه والإقرار عليه كالحْكْم بإجازته، ولا سبيل إلى نقضه واختاره ابن محرز. قال في تبصرة ابن فرحون: اعلَم أنّ القاضي إذا حَكَمَ بفسخ نِكاح أو بَيْعٍ أو إجارة وشبه ذلك لموجب من موجبات الفسخ فذلك في مسألة مختَلَفٌ فيها ومثار الخلاف فيها اجتهادي، أي ليس فيهانصٌ جليٌّ يمْنَعُ من الاجتهاد؛ فإنّ حُكْمَ الحاكم لا يتعدّى ذلك الفسخ. وأمَّا ما يتبع ذلك منالأحكام والعوارض فذلك القاضي بالنسبة إليه كالمفتي، وكذلك لو حدثت قضية أخرى مثل القضية التي حُكِمَ فيها بالفسخ في ولاية ذلك القاضي ولم تُرْفَع إليه رُفِعَتْ إليه ولم ينظر فيها حتى عزل أو مات فإنها تحتاج إلى إنشاء نظر آخر من القاضي الأوّل أو من القاضي الثاني، ولايكون حْكْم القاضي الأوّل متناولاً إلاَّ لما باشره بالحْكْم؛ وسبب ذلك أن حْكْمَ القاضي لا يتعلَّ إلا بالجزئيات دون الكليات؛ لأن معظم ما ينظر القاضي فيه يحتاج إلى بيَّنة، والبيَّنة إنَّما تشهد بِما رأته أو شافهته وذلك أمْرٌ جزئي. هذا هو غالب ما تشهد به البيَّنةويَحْكُمُ القضة به.

فرع: إذا ثبت ما قرَّرْناه فإن القاضي إذا فَسَخَ نِكاحًا بين زوجَيْن بسبب أن أحدهما رضع أُمّ الآخر وهو كبير فالفسخ ثابت لا ينقضه أحد، ولكنه إن تزوَّجها بعد ذلك فَرُفِعَ أمرُهما إلى غيره مِمَّن وَلِيَ بعده لم يمنعه ذلك الفسخ أن يجتهد ويبيحها له، إن أدّاه اجتهاده إلى أنّ رضاع الكبير لا ينسر الحُرْمة، وكذا لو رفع إليه نفسهوتغير اجتهاده فَلَهُ أن يبيحها له.

فرع: وكذا مَنْ تزوّضج امرأة في عدَّتها ورُفِعَ ذلك إلى قاض مالكي، فإنه يرى مع الفسخ تأبيد التحريم، ومع هذا فإن حْكْمَه لا يتعدّى الفسخ، فإذا تزوَّجها بعد ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>