ثم قال رحمه الله تعالى:(ولا ينظر في منزل قوم وهم لا يشعرون ولا يستمع حديثهم)، يعني أنه لا يجوز لشخص أن ينظر أي أن يطالع منزل قوم وهم في غفلة عنه ولا يشعرون به ولا يحل له أن يستمع كلامهم ولو لم ينقله إلى غيره، والأصل في هذه المسألة ما في الصحيحين عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((لو أعلم أنك تنظر لطعنت به في عينيك، إنما جعل الاستئذان من أجل البصر)) اهـ. قال الشارح: قوله: ((لو أعلم أنك تنظر)) الخطاب فيه لرجل اطلع من حجر في دار النبي صلى الله عليه وسلم قيل: هو الحكم بن أبي العاص بن أمية والد مروان. فسبب ذلك كما في الصحيحين: اطلع رجل في حجرة من حجر دار النبي صلى الله عليه وسلم ومعه صلى الله عليه وسلم مدرى وفي رواية بمشقص وفي أخرى: ومع النبي صلى الله عليه وسلم مدرى يحك بها رأسه، والمدرى: حديدة يسرح بها الشعر وهي بكسر الميم بالقصر تؤنث وتذكر، ولذلك ورد في بعض روايات هذا الحديث: يحك به رأسه، على التذكير وفي بعضها: يحك بها، على التأنيث، قال:((لو أعلم أنك تنظر لطعنت به في عينك، إنما جعل الاستئذان من أجل البصر))، قوله:((إنما جعل ...)) إلخ، بضم الجيم وكسر العين أي إنما شرع الاستئذان
في الدخول من أجل البصر؛ لئلا يقع على عورة أهل البيت ويطلع على أحوالهم، واستنبط من قوله عليه الصلاة والسلام:((لطعنت بها في عينك))، أن من خالف ونظر في دار المسلم بدون استئذان لو رماه ذلك المسلم بنحو حصاة فأصاب عينه فعمي أو سرت على نفسه فتلف فهدر. اهـ. بحذف واختصار نقله العلامة حبيب الله الشنقيطي في زاد المسلم. وقال ابن القيم في زاد المعاد: فصل في قضائه صلى الله عليه وسلم فيمن اطلع في بيت رجل بغير إذنه فحذفه بحصاة أو عود ففقأ عينه فلا شيء عليه. ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح))، وفي لفظ فيهما: ((من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم ففقأوا عينه فلا دية له ولا