دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [المائدة: ٣] هذه الآية نزلت بعرفة في حجة الوداع والنبي واقف تحت جبل الرحمة بعد عصر يوم الجمعة، ثم بعد تمام نسكه ورجوعه إلى المدينة توفي صلى الله عليه وسلم ضحى يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة، ودفن في بيت عائشة يوم الثلاثاء وقيل ليلة الأربعاء، وله من العمر ثلاث وستون سنة، وهو صاحب التاريخ النبوي الهجري صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المصنف رحمه الله تعالى:" الداعي إلى دار السلام " أي المنادي إلى الإيمان بالله المؤدي إلى دار السلام وهي الجنة. والسلام: اسم من أسمائه تعالى، والمراد به هنا الجنة، وأضيفت الدار للسلام لأنها سالمة من الآفات والكدرات، والمعنى انه عليه الصلاة والسلام هو الداعي للمكلفين كافة من الإنس والجن وغيرهم ممن أمر بتبليغ الرسالة إليهم ليؤمنوا بالله ورسله وبجميع ما يجب علينا الإيمان به من المغيبات؛ لأنه طريق مؤد إلى دار الجنة. قال العلامة الصاوى في حاشيتة على الجلالين، عند قوله تعالى في سورة يونس:{وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ}
[١/يونس: ٢٥] أي السلامة وهي الجنة، أشار بذلك إلى أن المراد بهذا الاسم ما يشمل جميع الجنات لا خصوص المسماة بهذا الاسم، من باب تسمية الكل باسم البعض، وكذا يقال في باقي دورها، كدار الجلال، وجنة النعيم، وجنة الخلد، وجنة المأوى، والفردوس، وجنة عدن، فهذه الأسماء كما على مسمياتها يطلق كل اسم منها على جميع دورها لصدق الاسم على المسمى في كل اهـ.
وقال تعالى:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[فصلت: ٣٣] الدعاء إلى الله: تبليغ التوحيد والرسالة إلى المكلفين، ورد الكفرة عما هم عليه.
والرسول قد بلغ الدعوة كما أمر غاية التبليغ، حتى أتاه اليقين صلى الله عليه وسلم.