ولما أنهى الكلام على الفضائل انتقل المصنف يتكلم في بيان المار الذي يمر بين يدي المصلي رحمه الله تعالى:
فَصْلٌ
في أحكام السترة
والأصل في هذا الفصل ما في الموطأ عن أبي جهيم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه " وعن كعب الأحبار أنه قال: " لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يخسف به خيرا له من أن يمر بين يديه " وغير ذلك مما ورد. والمعنى أن المرور
بين يدي المصلي ممنوع شرعا باعتبار تأثيم المار تارة، أو مكروه باعتبار عدم تأثيمه تارة أخرى. فقال رحمه الله تعالى:" من لا يأمن المرور بين يديه يصلي إلى السترة " يعني أن من يأمن المرور بين يديه، ولم يخش أن يمر بين يديه أحد فله أن يصلي بغير سترة، سواء كان في الحضر أو في السفر. قال مالك في المدونة: ويصلي في الموضع الذي يأمن فيه من مرور شيء بين يديه إلى غير سترة اهـ.
قال العلامة الشيخ أحمد الدردير في أقرب المسالك في مندوبات الصلاة: وسترة لإمام وفذ خشيا مرورا بمحل سجودهما. أي يندب للإمام والفذ أن يجعل كل واحد منهما سترة بين يديه لمنع المار بين يدي كل منهما إن خشي المرور، ولا تبطل الصلاة بالمرور أصلا.
قال المصنف رحمه الله تعالى:" ولا تبطل بمرور شيء بين يديه " لقول مالك في المدونة: لا يقطع الصلاة شيء من الأشياء مما يمر بين يدي المصلي اهـ. وقال خليل