وهذا الخلاف جار على أنه كافر يعطى ليسلم , وأما على أنه مسلم يعطى للتمكن فحكمه باق باتفاق. اهـ قال ابن جزي في القوانين: وأما المؤلفة قلوبهم فالكفار يعطون ترغيبا في الإسلام , وقيل هم مسلمون ويعطون ليتمكن إيمانهم. واختلف هل بقي حكمهم أو سقط للاستغناء عنهم اهـ. قلت ولعل المصنف اعتمد في إسقاط مؤلفة القلوب بما روى ابن مهدي عن إسرائيل بن يونس عن جابر عن الشعبي قال لم يبق من المؤلفة أحد , إنما كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما استخلف أبو بكر
انقطع الرشا " اهـ ذكره في آخر قسم الزكاة من المدونة. وقد جمع ابن عاشر الأصناف الثمانية مع أوصافهم في بيتين بقوله:
مصرفها الفقير والمسكين ... غاز وعتق عامل مدين
مؤلف القلب ومحتاج غريب ... أحرار إسلام ولم يقبل مريب
وأما قوله رحمه الله تعالى: والعاملين , هذا ما رأيت من تكلم في إسقاط العامل على الزكاة , بل النصوص تشير إلى الابتداء به. قال خليل: وبدئ به , قال الخرشي: أي بالعامل قبل الأصناف لأنه المحصل , حتى لو حصلت له مشقة وجاء بيسير لا يساوى مقدار أجرته أخذ جميعه. قلت: والعامل يعطى الزكاة ولو كان غنيا , بل له أن يأخذ بوصفيه إن كان فقيرا. قال خليل: وأخذ الفقير بوصفيه اهـ. وباقي الأصناف لا خلاف في دفع الزكاة لهم , والخلاف في المؤلفة القلوب فقط كما تقدم.
ثم قال رحمه الله تعالى: " ويجوز صرفها إلى صنف , إلى واحد منه بقدر كفايته وإن زاد على النصاب " يعني يجوز دفع الزكاة لصنف واحد من الأصناف الثمانية , ولا يجب تعميمهم , بل متى دفعها لأي شخص موصوف بكونه منهم كفى لكن يندب إيثار المحتاج منهم بأن يخص بالإعطاء أو يزاد له أكثر مما أعطى غيره ولو كان مجموع ذلك يزيد على النصاب , إذ المقصود إعطاؤه كفايته وسد خلته.
قال مالك في المدونة: ومن لم يجد إلا صنفا مما ذكر الله تعالى في كتابه أجزأه أن يجعل زكاته فيهم ,