ثم بين قدرها فقال رحمه الله تعالى:" وهي في كل سنة أربعة دنانير على أهل الذهب وأربعون درهماً على أهل الورق من كل كافر اصلي حر ذكر مكلف غير مرتهب ولا عتيق مسلم، ولا يؤخذ مني بمعدم، ولا حي بميت، مع ضيافة المجتاز من المسلمين ثلاثة أيام، وتسقط بالإسلام ولو عن أحوال، لا بانتقاله إلى ملة أخرى " قال في المقدمات: والجزية ما يؤخذ من أهل الكفر جزاء على تأمينهم وحقن دمائهم مع إقرارهم على كفرهم. وهي على وجهين: عنوة وصلحية، فأما الصلحية فلا حد لها إذ لا يجبرون عليها، ولأنهم منعوا أنفسهم وأموالهم حتى يقروا في بلادهم على دينهم إذا كانوا بحيث تجري عليهم أحكام المسلمين. وتؤخذ منهم الجزية عن يد وهم صاغرون، إلى أن قال: وهي على ثلاثة أوجه: أحدها أن تكون الجزية مجملة عليهم، والثاني أن تكون مفرقة على رقابهم دون الأرض، والثالث أن تكون مفرقة على رقابهم وأرضهم أو على أرضهم دون رقابهم، مثل أن يقول على كل رأس كذا وكذا، وعلى كل زيتونة كذا وكذا، وعلى كل مبذر قفيز من الأرض كذا وكذا، ولكل وجه من هذه الوجوه أحكام تختص به، إلى أن قال: وأما الجزية العنوية وهي الجزية التي توضع على المغلوبين على بلادهم المقرين فيها بعمارتها فإنها عند مالك رحمه الله على ما فرضها عمر، رضي الله عنه، أربعة دنانير على أهل الذهب، وأربعون درهماً على أهل الورق مع ذلك أرزاق المسلمين وضيافة ثلاثة أيام، إلا أن مالكاً رحمه الله رأى أن توضع عنهم الضيافة إذا لم يوف لهم بالعهد على وجهه اهـ المقدمات. قال الصاوي في
حاشيته على أقرب المسالك: ومما أسقطه مالك عنهم أرزاق المسلمين التي قدرها الفاروق مع الجزية، وإنما أسقطها مالك عنهم الظلم الحادث عليهم من ولاة الأمور اهـ. رحمه الله وتسقط بالإسلام إلى إلخ وعبارة الدردير: وسقطنا أي الجزية العنوية