والأصل في هذا الباب ما في جملة من الأحاديث الصحيحة، منها ما رواه أحمد والبيهقي والحاكم عن كعب بن زيد " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة من بني غفار، فلما دخل عليها فوضع ثوبه وقعد على الفراش أبصر بكشحها بياضاً " أي برصاً " فانحاز عن الفراش، ثم قال: " خذي عليك ثيابك، ولم يأخذ مما آتاها شيئاً " اهـ. ومنها ما في الموطأ عن عمر بن الخطاب أنه قال: أيما رجل تزوج امرأة وبه جنون أو ضرر فإنها تخير، فإن شاءت قرت وإن شاءت فارقت. وفي رواية: أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقاً كاملاً، وذلك لزوجها غرم على وليها اهـ. وقال مالك: إنما يكون ذلك إذا كان وليها الذي أنكحها هو أبوها أو أخوها أو من يرى أنه يعلم ذلك منها، فأما إذا كان الذي أنكحها ابن عم أو مولى من العشيرة ممن يرى أنه لا يعلم ذلك منها فليس عليه غرم، وترد تلك المرأة ما أخذت من صداقها، ويترك لها قدر تستحل به اهـ. ومنها عن سعيد بن المسيب أنه قال: من تزوج المرأة فلم يستطع أن يمسها فإنه يضرب له أجل سنة، فإن مسها وإلا فرق بينهما اهـ. قال في غاية المأمول: فمن تزوج امرأة ومسها أي جامعها ولو مرة ثم عجز عن جماعها فلا تفريق بينهما لأن الإحصان يحصل بالوطء ولو مرة، أما إذا لم يجامعها ولو مرة بأن كان عنيناً لا تنتشر آلته. فلها رفع أمرها للحاكم الشرعي فيؤجله إلى سنة، فإن جامعها وإلا فرق بينهما. ويثبت الجماع وعدمه بإقرارهما فتلك العيوب تثبت الخيار للطرف الآخر إذا ظهر أنها كانت عند الزواج، وهل حدوثها بعده كذلك؟ يراجع كلام الفقهاء اهـ.
وحاصل ما هو مشهور في المذهب أن العيوب التي توجب الخيار بين الزوجين بلغت إلى ثلاثة عشر عيباً، يشتركان في أربعة، ويختص الرجل بأربعة، وتختص المرأة بخمسة. قال رحمه الله تعالى: " وهو الجنون والجذام والبرص " هذا شروع في عد العيوب