لم تعلم غيبته، أو كانت بعيدة كعشرة أيام، وأما إن قربت كثلاثة أيام فإنه يعذر إليه، وجماعة المسلمين العدول يقومون مقام الحاكم
في ذلك وفي كل أمر يتعذر الوصول إلى الحاكم أو لكونه غير عدل. وأما من لم يثبت عسره وهو مقر بالملاء وامتنع من الإنفاق والطلاق فإنه يعجل عليه الطلاق على قول، ويسجن حتى ينفق عليها على آخر، فإن سجن ولم يفعل فإنه يعجل عليه الطلاق، كما أنه يعجل عليه بلا تلوم إن لم يجب الحاكم بشيء حتى رفعته. ثم قال: وإن العاجز عن نفقة زوجته إن كان من السؤال لشهرة حاله، وعلى عدمه إن كان فقيراً لا يسأل، نعم إذا علمت أنه من السؤال أو اشتهر بالعطاء ثم ترك السؤال، أو انقطع الإعطاء فإنه تطلق عليه. واعلم أنه إذا لم يجد إلا ما يمسك الحياة فقط فهو كالعاجز، لا إن قدر على قوت زوجته الكامل من الخبز مأدوماً أو غير مأدوم من قمح أو غيره فلا قيام لها ولو دون ما يكتسبه فقراء ذلك الموضع ولو كانت ذات قدر وغنى، أو قدر على ستر جميع بدنها ولو من غليظ الكتان أو الجلد ولو غنية فلا قيام لها. والقادر بالتكسب كالقادر بالمال إن تكسب ولا يجبر على التكسب.
ثم قال رحمه الله تعالى:" وعليه إسكانها مسكناً يليق بها " يعني يلزم على الزوج إسكان زوجته في المحل الذي يليق بها بقدر وسعه وحالها، إما بملك أو كراء أو عارية، وأن يكون مشتملاً على جميع ما يحتاج من المنافع اللازمة لعموم قوله تعالى:{أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم}[الطلاق: ٦] وإن كانت الآية نزلت للمطلقات كما في الحديث إلا أنه يعتبر بعمومها.
قال رحمه الله تعالى:" وعليها من خدمته ما يخدم مثلها، وحفظها في نفسه وماله " يعني من حق الزوج على زوجته أن تخدمه خدمة مثلها في المنزل وأن تحفظ نفسها إذا غاب، وتحفظه وماله في غيبته وحضرته لتكون من اللاتي ذكرهن الله بقوله:{فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله}[النساء: ٣٤] أي مطيعات لأزواجهن في غير