وإنما تمنع العينة لما فيها من تهمة سلف جر نفعاً؛ لأنه كأنه سلفه عشرة ثمن السلعة يأخذ عنها بعد الأجل اثني عشر. قال ابن جزي في القوانين: النوع الثاني: - أي من المنهي عنه -: العينة، وهو أن يظهرا فعل ما يجوز ليتوصلا به إلى ما لا يجوز، فيمنع للتهمة سداً للذرائع، خلافاً لهم. وهي ثلاثة أقسام: الأول: أن يقول رجل لآخر اشتر لي سلعة بكذا وأربحك فيها كذا، مثل أن يقول اشترها بعشرة وأعطيك فيها خمسة عشر إلى أجل، فإن هذا يؤول إلى الربا؛ لأن مذهب مالك أن ينظر ما خرج من اليد ودخل فيها ويلغي الوسائط، فكأن هذا الرجل أعطى لأحد عشرة دنانير وأخذ منه خمسة عشر ديناراً إلى أجل، والسلعة واسطة فتلغى. الثاني: لو قال له اشتر لي سلعة وأنا أربحك فيها، ولم يسم الثمن، فهذا مكروه وليس بحرام. الثالث: أن يطلب السلعة عنده فلا يجدها، ثم يشتريها الآخر من غير أمره، ويقول قد اشتريت السلعة التي طلبت مني فاشتر مني إن شئت فيجوز أن
يبيعها منه نقداً أو نسيئة بمثل ما اشتراها به أقل أو أكثر اهـ. وإلى هذا القسم أشار خليل بقوله: جاز لمطلوب منه سلعة أن يشتريها ليبيعها بمال ولو بمؤجل بعضه، وكره خذ بمائة ما بثمانين إلخ. وفي الرسالة: ولا يجوز بيع ما ليس عندك على أن يكون عليك حالاً، وأصله ما في الموطأ من قول عبد الله بن عمر للمبتاع: لا تبتع منه ما ليس عنده، وقال للبائع: لا تبع ما ليس عندك فراجعه إن شئت. ثم نذكر هنا بعض ما تقدم من الغرر وما سيأتي مما ذكره صاحب الرسالة من قوله: وكل عقد بيع أو إجارة أو كراء يخطر أو غرر في ثمن أو مثمون أو أجل فلا يجوز. ولا يجوز بيع الغرر، ولا بيع شيء مجهول، ولا إلى أجل مجهول ولا يجوز في البيوع التدليس، ولا الغش، ولا الخلابة، ولا الخديعة، ولا كتمان العيوب، ولا خلط دنيء بجديد، ولا أن يكتم من أمر سلعته ما إذا ذكره كرهه المبتاع، أو كان ذكره أبخس له في الثمن اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " ومن باع سلعة إلى أجل لم يجز له شراؤها بأقل من