اختلاسها ما لم يقصد رفضها " يعني أنه قد أخبر أن الاستمرار في نية الوضوء وإجرائها في القلب من أوله إلى آخره شرط في الإجزاء، إلا أنه يغتفر ذهابها عن القلب بعد الإتيان بها، وإليه أشار صاحب المختصر: " وعزوبها بعده ورفضها مغتفر " قال الخرشي عليه: والمعنى أن الذهول عن النية بعد الإتيان بها في محلها عند غسل الوجه مغتفر لمشقة استصحابها، وإن كان هو الأصل: والمسألة الثانية رفض النية، وهو لغة الترك، والمراد به هنا تقدير ما وجد من العبادات والنية كالعدم، وذكر المؤلف أنه مغتفر أيضا بعد كمال الوضوء أو في أثنائه إذا رجع
وكمله بنية رفع الحدث بالقرب على المشهور، لا إن لم يكمله، أو كمله بنية التبرد، أو بعد طول. والحج كالوضوء عكس الصلاة والصوم، فإن رفض النية فيهما غير مغتفر. انظر فيه بقية الكلام اهـ.
قال العلامة الشيخ يوسف بن سعيد الصفتي: فرع: من ذهب إلى الميضأة ليتوضأ فلما وصل إليها توضأ ولم يستحضر النية أجزأه قصده الأول، وكذا من أمر زوجته أو خادمه أن يضع له الماء ليتوضأ ولم يستحضر النية عند أخذه ذلك، لأن طلبه الماء قرينة على قصد الطهارة، وهو عين النية كما في الشبرخيتي اهـ. وفي أقرب المسالك: ولا يضر عزوبها بخلاف الرفض في الأثناء لا بعده كالصلاة والصوم. يعني أن عزوب النية أي ذهابها بعد أن أتى بها في أوله بأن لم يستحضرها عند فعل غير الفرض الأول لا يضر في الوضوء، بخلاف الرفض، أي الإبطال في أثنائه بأن يبطل ما فعله منه، كأن يقول بقلبه أبطلت وضوئي فإنه يبطل على الراجح، ويجب عليه ابتداؤه إن أراد به صلاة ونحوها، بخلاف رفضه بعد إتمامه فلا يضر، وجاز له أن يصلي به، إذ ليس من نواقضه إبطاله بعد الفراغ منه.
ومثل الوضوء الغسل. وأما الصلاة والصوم فيرتفضان في الأثناء قطعا، وعليه القضاء والكفارة في الصوم لا بعد تمامها على أظهر القولين المرجحين. وأما الحج والعمرة فلا يرتفضان مطلقا. ويرتفض التيمم مطلقا ما لم يصل به لضعفه اهـ.