والتراضي على شيء عوضاً عنه لا عن الثمرة " يعني يجوز لصاحب الحائط أن يبيع قدراً معلوماً من حائطه المعين بعد بدو صلاحه، فإن نفدت ثمرته قبل أن يأخذ المشتري حقه فهو مخير بين رأس ماله وبين التراضي في شيء آخر يأخذه من صاحب الحائط معجلاً لا مؤخراً. هذا وقد سئل مالك عن الرجل يشتري الرطب من صاحب الحائط فيسلفه الدينار ماذا له إذا ذهب رطب ذلك الحائط؟ قال مالك: يحاسب صاحب الحائط ثم يأخذ ما بقي له من ديناره، إن كان أخذ ثلثي ديناره رطباً أخذ ثلث الدينار والذي بقي له، وإن كان أخذ ثلاثة أرباع ديناره رطباً أخذ الربع الذي بقي له، أو يتراضيان بينهما فيأخذ بما بقي له من ديناره عند صاحب الحائط ما بدا له إن أحب أن يأخذ تمراً أو سلعة سوى التمر أخذها بما فضل له، فإن أخذ تمراً أو سلعة أخرى فلا يفارقه حتى يستوفي ذلك منه اهـ انظر نظائره في الموطأ.
قال رحمه الله تعالى: " ولا يجوز استثناء ما لا يجوز بيعه كالمجهول صفة وقدراً، والمحرم منفعة وعيناً " يعني أنه لا يجوز لمن باع شيئاً مما يجوز له بيعه أن يستثني منه شيئاً مما لا يجوز له بيعه كالأجنة في بطون الأمهات، سواء كان ذلك آدمياً أو غير الآدمي للنهي في ذلك، لأنه بيع الغرر. قال مالك في الموطأ: ولا ينبغي بيع الإناث واستثناء ما في بطونها، وذلك أن يقول الرجل للرجل: ثمن شاتي الغريرة ثلاثة دنانير فهي لك بدينارين ولي ما في بطنها، فهذا مكروه، أي حرام، لأنه غرر ومخاطرة اهـ.
قال ابن رشد في المقدمات: والأشياء الموجودة بأيدي الناس تنقسم على قسمين: أحدهما ما لا يصح ملكه، والثاني ما يصح ملكه، فأما ما لا يصح ملكه لا يجوز بيعه بإجماع كالحر والخنزير والخمر والقرد والدم والميتة وما أشبه ذلك. وأما ما يصح ملكه فإنه ينقسم على قسمين: أحدهما لا يصح بيعه إما لأنه على صفة لا يجوز بيعه عليها كالعبد