دعوى التَّلَفِ وما أشبهه ممَّا يعلم أنه لم يقصد به التوثق فإنه يَصْدُقُ في دعواه الرد اهـ النفراوي.
قال رحمه الله تعالى:"وَلَهُ إِيدَاعُهَا عِنْدَ زَوْجَتِهِ وَخادِمِهِ، وَيَضمَنُ لِغَيْرهِمَا" قال في الفواكه: لا يجوز لِمَنْ عنده الوديعة إيداعها عند غيره؛ لأن ربَّ الوديعة لم يَرْضَ إلا بأمانته عنده أي المودَع، إلاَّ أن يكون ذلك الغير ممَّن اعتاد الإيداع عنده كزوجته أو أمَتِه، أو إلاَّ أن يحصل عذر يقتضي الإيداع عند الغير. ويجب عليه الإشهاد على العُذْر؛ لأنه لا يكفي أن يقول: أودعتها لعُذْر، كما لا يكفي أن يقول للشهود: اشهدوا أني إنَّما أودتها لعُذْر، بل يجب عليه أن يشهدهم على عين العُذْر اهـ. قال ابن جزي في أسباب ضمان الوديعة: وهي ستة: الأول أن يودع عند غيره لغير عُذْر، فإن فعل ذلك ثم استردَّها فضاعت ضَمِنَ، وإن فَعَلَه لُعذْر كالخوف على منزله أو لسفره لم يَضْمَن الثاني نَقْلَ الوديعة، فإن نَقَلَها من بلد إلى بلد ضَمِنَ بخلاف نَقْلِها من منزل إلى منزل اهـ. انظر بقية الأسباب في الكتاب المذكور.
قال رحمه اللَّه تعالى:"كَالسَّفَرِ بِهَا إلاَّ أَنْ يَتَعَذَّرَ رَدُّهَا وَلاَ يَجِدُ ثِقَةً" يعني أنه إن سافر بها بغير عُذْر فضاعت ضَمِنَها، وإن كَان سفره بهد لعُذْر لم يَضْمَن. قال الدردير: ويضمن بانتفاعه بها أوس فره، أي إذا سافر فأخذ الوديعة معه فضاعت أو تلفت فغنه يضمن إن وجد أمينًا يرتكها عنده؛ لأنه حينئذٍ صار مُفرَّطًا بأخْذِها معه، فإن لم يجد أمينًا يتركها عنده بأن لم يجد أمينًا أصلاً أو وجده ولم يَرْضَ بأخْذِها عنده فلا ضمان عليه إذا سافر بها فتُلِفَتْ؛ لأنه أمْرٌ تعيَّن عليه. هذا إن أمكن حَمْلُها معه بأن كانت الوديعة خفيفة، وإلاَّ وَجَبَ إيداعها عند من يحفظها ولو بالأجْرة حِفظًا للأمانة التي أبَتِ السماوات والأرض والجبال أن يحملنها وأشفقن منها لثقلها وحملها الإنسان إنه كان ظلومًا جهولاً.