ثم ذكر رحمه الله تعالى القسم الثاني من قسمي الهبة وهو هبة الثواب فقال:"والثاني معاوضة وهي كالبيع" يعني الثاني من قسمي الهبة هبة المعاوضة وتسمى هبة الثواب، وحُكْمُها الجواز كالبيع. قال النفرايو: يدل على جوازها الكتاب والسنّة فالكتاب قوله تعالى: "وما ءاتيتم من ربا ليربوا في أموال الناسفلا يربوا عند الله"[تالروم: ٣٩] فإن ابن عباس قال: الربا أن يعطي الرجل عطية ليُعْطَى أكثر منها، وقوله تعالى:"وَلاض تَمنُن تَستَكثرُ"[المدثر: ٦] قال المفسرون: وذلك أن يهدي ليهدى له اكثر منها فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك كما في الخصائص، وأباحه الله تعالى لسائر الناس. ومن السنّة ما رُوِيَ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثبت عليها كما في [٧١][٧٢] الصحيحين اهـ باختصار. قوله وهي كالبيع يعني أن هبة الثواب شبيهة بالبيع، ولذا لو مات الواهب للثواب قبل حيازة الهبة لم تبطل ويجب تنفيذها، ولا تبطل بموت أو مرض أو فلس واهبها قبل حوزها، فليست كغيرها من أنواع العطايا التي تبطل بعدم حيازتها قبل موت الواهب اهـ قاله النفراوي في الفواكهز
قال رحمه الله تعالى:"إلا في العوض فيخير الموهوب له بين إثابة قيمتها أو ردها، فإن أثاب دونها فله الرجوع" يعني أن هبة الثواب خالفت البيع في العوض لجوازها بالمجهول والغرر وما لا يجوز في البيع كما تقدم، وأما من جهة الخيار قبل الفوات وبعده فكالبيع كما قال المصنف وغيره. قال في الرسالة: والموهوب للعوص إما أثاب القيمة أو رد الهبة، فإن فاتت فعليه قيمتها، وذلك إذا كان يُرى أنه أراد الثواب من الموهوب له. قوله فيخير الموهوب له إلخ، فهم منه أنه لا يلزم الموهوب له دفع أكثر من القيمة لو كانت العادة جرت على ذلك، وهو كذلك كما لا يلزم الواهب قبول أقل من القيمة، وقد وقع الخلاف فيما إذا تطوع الموهوب له بدفع أكثر ما يلزمه وأبى الواهب من أخذ أزيد من قيمة هبته فأفتى القابسي بجبر الواهب على أخذ الزائد على قيمة