الواهب. وأما إذا تصدق له بشيئ من ماله فذلك جائز بغير كراهة. قال في الرسالة: ويكره أن يهب لبعض ولده ماله كله، وأما الشيئ منه فذلك سائغ اهـ. قال ابن جزي في القوانين: ويجوز أن يهب الإنسان ماله كله لأجنبي أتفاقًا. وأما هبة جميع ماله لبعض ولده دون بعض، أو تفضيل بعضهم على بعض في الهبة فمكروه عند الجمهور، وإن وقع جاز. وروي عن مالك المنع وفاقًا للظاهرية، والعدل هو التسوية بينهم. وقال ابن حنبل: للذكر مثل حظ الأُنثيين اهـ. والدليل على ما ذكر ما ورد "أن النعمان بن بشير نحله أبوه شيئُا من ماله، وأراد أبوه أن يشهد النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكل ولدك نحلته مثل هذا؟." قال لأن قال: "فارجع" فرجع فرَدَه عطيته. ووجه الدلالة للمشهور من الكراهة أ، النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره بالرجوع وامتنع من الشهادة فدل ذلك على عدم كمالها، ولو كانت باطلة لقال عليه الصلاة
والسلام إنهاباطلة، وعلة الكراهة أن عطية الأب كل ماله أو جله لبعض الأولاد يؤدي إلى عقوق الباقين وحرمانهم، ويؤدي إلى تباغضهم، والمطلوب الحرص على المواصلة والموداة والعدل بينهم، ولذا جاء في بعض الروايات "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" اهـ. نقله النفراوي.
قال رحمه الله تعالى: "ولا يهب ولا يتصدق إلا رشيد، وإلا فلأن ولا يهب أو يتصدق إلا أهل التبرع، وهمافي الصحة من رأس المال، وفي المرض من الثلث" يعني أنه تقدم أن الهبة والصدقة لا يصح واحد منهما إلا لمن له التبرع. قال الدردير وخرج بذلك الصبي، والمجنون، والرقيق، والسفيه، ومن أحاط الدين بماله، والسكران، وكذا المريض والزوجة فيما زاد على ثلثهما إلا أن هبتهما فيما زاد على الثلث صحيحة موقوفة على الوارث والزوج، وكذا من أحاط الدين بماله فإنها موقوفة على رب الدين، بخلاف المجنون والسفيهوالصغير فباطلة كالمرتد لأنه لا ملك له في حال الردة، ولا تصح هبته، ولا صدقته، ولا شيئ من أعماله حتى