وهو بين لا يعترض عليه من حيث القدح في هذه المناسبة؛ بل يعترض من وجه آخر. ويرجع منشأ النزاع إلى التردد في محل استعمال هذه المعاني، على ما نذكره في هذه المسائل.
ثم للشرع -في هذا الجنس- نوع تصرف -فلا ينبغي أن نغفل عنه- وهو: إدارة الحكم على أمارة المصلحة من غير تتبع وجه المصلحة؛ فإن مصلحة الصبي لحاجته إلى قوام، وحاجته لصغره وضعف عقله؛ وقد يقوى عقله عند مراهقة البلوغ؛ ولكن يقطع الشرع غمة الأشكال عن أطراف الأحوال، بإتباع الصغر الذي هو أمارة المصلحة [غالبا؛ فيدار الحكم مرة على عين المصلحة، وأخرى على أمارة المصلحة]. وكل ذلك من نظر الشرع. وفي إتباع الأمارة -أيضا- نوع مناسبة، وهو: عصر الوقوف على عين الحاجة؛ كما [أديرت الرخص] على السفر لا على عين المشقة، وأديرت الولاية على القرابة لا على الشفقة؛ فأنها لا يوقف عليها. وإنما الغرض التنبيه على مراتب المناسب، وأن حاصل جملتها يرجع إلى رعاية المقاصد؛ وأن المقصود قد يقع في محل الحاجة، وقد يقع في محل الضرورة؛ وقد يعلم كونها مقصودا من جهة الشرع على القطع، وقد يظن ذلك. [وكل ذلك] من طرق المناسبات.