المرتبة الثالثة: ما لا يرجع إلى ضرورة، ولا إلى حاجة؛ ولكن يقع موقع التحسين والتزيين، والتوسعة والتيسير؛ للمزايا والمراتب، ورعاية أحسن المناهج في العبادات والمعاملات، والحمل على مكارم الأخلاق، ومحاسن العادات.
ومثال ذلك: حكم الشرع بسلب العبد أهلية الشهادة، وليس إلى سلب أهليته حاجة ولا ضرورة. ولو قبلت شهادته في حال العدالة:[لكان ذلك] كقبول فتواه وروايته؛ ولكن: لما كان الرقيق نازل القدرة والرتبة، ضعيف الحال والمنزلة؛ بإثبات يد الاستيلاء [عليه] والتسخير؛ وكانت الشهادة ونفوذها على الغير منصبا عليا ومقاما سنيا- لم يكن ذلك لائقا بحاله.
فيفهم مقصود الشرع -في سلبه الأهلية- على هذا الوجه؛ ففيه نوع مناسبة تتميز عن قول القائل: أنه لا تقبل شهادته، لأنه لا تجب عليه الجمعة مثلا كالصبي؛ فإن سقوط التكليف بالجمعة لا ينبئ بحال عن سقوط أهلية الشهادة؛ بخلاف ما ذكرناه.