فكيف نقدر احتياجهم إلى توظيف خراج لأمدادهم وإرفاقهم، وكافة أغنياء الدهر فقراء بالإضافة إليهم؟.
فأما لو قدرنا أماما مطاعا، مفتقرا إلى تكثير الجنود: لسد الثغور، وحماية الملك: بعد اتساع رقعته، وانبساط خطته؛ وخلا بيت المال عن المال، وأرهقت حاجات الجن د إلى ما يكفيهم، وخلت عن مقدار كفايتهم أيديهم، فللإمام أن يوظف على الأغنياء ما يراه كافيا لهم في الحال، إلى أن يظهر مال في بيت المال؛ ثم إليه النظر في توظيف ذلك على وجوه الغلات والثمار؛ كي لا يؤدي تخصيص بعض الناس به، إلا إيغار الصدور، وإيحاش القلوب. ويقع ذلك قليلا من كثير: لا يجحف بهم، ويحصل به الغرض.
فإن قيل: فهذه مصلحة غريبة لا عهد بها في الشرع ولا بمثلها؛ وحاصلها يرجع إلى مصادرة الخلق في أموالهم؛ وهو محظور: نعلم حظره من وضع الشرع؛ ولذلك لم ينقل [قط] عن الخلفاء الراشدين: قبل أن صارت الخلافة ملكا عضوضا، وإنما أبدعها الملوك المترفون، المائلون عن سمت الشرع.