للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلنا: إنما لم ينقل عن الأولين ذلك، لاشتمال بيت المال في زمانهم، واتساع وجوه الرزق على أعوانهم، وقد نقل عن عمر - رضي الله عنه - ضرب الخراج على أراضي العراق. فأصل الضرب ثابت بالاتفاق؛ وإنما اختلاف العلماء في طريقه.

ثم الكلام الشافي للغليل، هو: أن السائل أن أنكر وجه المصلحة فيما ذكرناه [أبديناه وآريناه، وقلنا: إن لم يفعل الإمام ذلك]: تبدد الجند، وأنحل النظام، وبطلت شوكة الإمام، وسقطت أبهة الإسلام، وتعرض ديارنا لهجوم الكفار واستيلائهم؛ ولو ترك الأمر كذلك: فلا ينقضي إلا قدر يسير، وتصير أموال المسلمين طعمة للفكار، وأجسادهم دُربة للرماح وهدفا للنبال، ويثور بين الخلق - من التغالب والتوائب - ما تضيع بها الأموال، وتعطل معها النفوس، وتنتهك فيها الحرم. ونظام ذلك شوكة الإمام بعدته، وما يحذر إلمامه - من الدواهي - بالمسلمين: لو انقطعت عنهم شوكة الجند، التي تستحقر - بالإضافة إليها أموالهم.

فإذذا رددنا بين احتمال هذا الضرر العظيم، وبين تكليف الخلق حماية أنفسهم بفضلات أموالهم، فلا نتمارى في تعيين هذا الجانب. وهذا مما يعلم قطعا من كلى مقصود الشرع: في حماية الدين والدنيا، قبل أن نلتفت على الشواهد المعينة من أصول الشرع.

<<  <   >  >>