وقول القائل: إن هذا أمر بدع في الشرع غريب، وهو: قتل غير القاتل. قلنا: ليس كذلك.
أما أبو حنيفة، فإنه يزعم: أن كل واحد قاتل على الكمال؛ مصيراً إلى أن حد القتل جرح يتعقبه زهوق الروح.
ونحن لا نرى ذلك، وإنما نتبع المصلحة، وإليه يشير مذهب مالك -رحمه الله- في المسئلة، ولكنا -مع ذلك- لم نقتل غير القاتل؛ فإن القتل حاصل، وهو مضاف إلى المتمالئين على الجرح؛ فهم القاتلون، ولم نقتل إلا القاتلين. نعم: لا يسمى كل واحد منهم قاتلاً على الكمال [والتمام]؛ ولكنا نقول: جميعهم في حكم شخص زاحد، والقتل مضاف إليهم إضافته إلى الشخص الواحد؛ فإذا جمعتهم رابطة الغستعانة، فقد صاروا في حكم الشخص الواحد، بالتعاضد على مقصد واحد، ومن جرح إنساناً: فقد قصد قتله؛ فإذا جرحه غيره: فقد أيد قصده، وعضد غرضه؛ ولم يزاحمه عن مقصده، بل مالأه وعاونه عليه، فحسسن تنزيلهم منزلة الشخص الواحد، والقتل مضاف إلى جميعهم تحقيقاً، فلم نقتل إلا جمعاً قاتلاً، وإنما [النظر]: في تنزيل الأشخاص منزلة الشخص الواحد؛ وقد دعت إليه [الحاجة و] المصلحة، وأشار إليه سر المشاكرة؛ فلم يكن ذلك مبتدعاً.