فإن قيل: في مذهب مالك -رحمه الله- ما يحصل الزجر؛ فإن آحادهم إذا كانوا على مخافة من خروج القرعة عليهم، انتهض ذلك وازعاً، وتوقع خروج القرعة على الغير لا يكون سبباً للجرأة على القتل، كتوقع العفو من ولى الدم.
قلنا: لم ير الشافعي ذلك: من حيث أن الصارف عن قتل الكل اقتحام قتل من ليس قاتلاً على الكمال؛ وفي قتل الواحد منهم ارتكاب لهذا الأمر المحظور؛ والقرعة لا تؤثر في تكميل جنايته وتخصيصه بالموجب عن غيره؛ وإنما تصلح القرعة: عند تعارض الأسباب الكاملة للتعيين في حق الأشخاص؛ كما إذا لم يملك إلا ستة أعبد، فأعتقهم في المرض: أقرع بينهم، وأعتق اثنان، لأن سبب العتق كامل في حق كل واحد، وضاق المحل عن الوفاء؛ فتوصلنا إلى الترجيح والتعييم، بالقرعة.
وفي هذا المقام لم تتكامل الجناية من كل واحد؛ فإذا جاز الأقدام على القتل: فلا فرق بين شخص وشخص. على أن مقصود الزجر غير حاصل به؛ وكل يقدر انحراف القرعة عنه، لا سيما إذا كانوا جمعاً غفيراً؛ وتوقع خروج القرعة عليه لا ينتهض وزاعاً؛ وهو كتوقع الإنسان