للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متطرقة إليه؛ ولكن لا تدرأ دعوى التعليل في مبادئ النظر. وعلى من يدعي شيئا من هذه الاحتمالات، إقامة الدليل، وإظهار المناسبة.

فإن قيل: كيف تنفعكم هذه الأمثلة، وإنما نسلم فيها دعوى التأثير بالمناسبة لا بالاطراد والانعكاس؟. فإن وجود العقل وعدمه يناسب إطلاق التصرف وحبسه، ووجود الإسكار يناسب تحريم الشرب، وضعف حال الرقيق يناسب تخفيف العقوبة. فكان الاعتماد على المناسبة. وإذا سلمت المناسبة: سلم بالاتفاق دعوى التعليل؛ فأين تأثير الطرد والعكس؟

قلنا: المناسبة جارية في هذه الأمثلة، ولكن: قبل أن يطلع الناظر [على وجه المناسبة يفهم أن الحكم إنما حدث بحدوث وصف مرتبا عليه؛ فذلك] الوصف هو المؤثر فيه، وهو الموجب لحصوله. هذا ظاهر الظن في أول النظر؛ فإن اعتضد هذا النظر بالمناسبة: ازداد وضوحا، وهو حاصل قبل المناسبة، والدليل عليه ما قدمناه في مسالك الإيماء: أن كل حكم رتب على سبب بفاء التعقيب، أو بصيغة الشرط والجزاء- أشعر بكونه سببا. كقوله: (من جامع في نهار رمضان فليكفر) لو ورد هذا اللفظ. وكقوله الوارد: (من بدل دينه فاقتلوه). وليس يفهم سببه من المناسبة؛ بل يفهم من الإضافة اللفظية، بدليل أنه لو قال: (من مس ذكره فليتوضأ)، [يفهم كونه سببا وإن لم يناسب. ولو قال مثلا:

<<  <   >  >>