من مس الجدار فليتوضأ]، لفهم أنه جعل مس الجدار سببا؛ ثم زدنا عليه، وقلنا: إذا حكم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بحكم، عقب واقعة ذكرت له: فالواقعة سبب للحكم، كما قال الأعرابي:[إني] جامعت أهلي نهار رمضان، فقال:(أعتق رقبة)، ففهم [منه] أن الجماع علة الإعتاق؛ ولم يفهم من [طريق] المناسبة: فإنه لا مناسبة. ولو [قدرنا حكاية] أمر لا يناسب، كقول القائل مثلا: رأيت في المنام البارحة أني كنت أشرب ماء في كوز، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: أعتق رقبة؛ لفهم أن رؤياه سبب، ولقضت العقول من سماعه العجب، [وبأية حكمة جعل] سببا ولا مناسبة؟ وإنما التعجب لفهم جعله سببا.
وهذا كله ما قدمناه؛ ومستند الفهم فيه: حدوث الحكم عند حدوث الواقعة مرتبا عليه؛ وهو عين الطرد والعكس الذي ندعيه، وإنما المتغير العبارة. فإنا نقول: كان الأعرابي بريء الذمة من الكفارة؛ علم ذلك شرعا، ولم يتجدد منه إلا الجماع، فتجدد لزوم الكفارة، فقد وجد بوجوده؛ وفي ضمنه أنه كان منعدما قبل ذلك بعدمه، فهذا طريق يعرفنا كون الجماع سببا وعلة، حتى نتبع السبب ونقول: ورد ذلك في