من أوصاف الأصل: إن كان مقابلا. وهذا هو الواجب في مصلحة الجدال.
وبيانه: أن الجدال لا يخلو أما أن وضع لمقصود الأفحام والإلزام، ومؤاخذة الخصم في مضائق الخصام؛ أو [وضع] لإبداء [مستند فتوى المجتهد] الذي يحل الاعتماد عليه في الفتوى.
فإن وضع لإبداء مستند المذهب: فينبغي أن لا تقطع المطالبة عمن أبدى مناسبا أيضا؛ بل يكلف أن يسبر أوصاف الأصل وما يقدر فيها: من مخيلات؛ ثم يسبر الأصول التي تقدر ناقضا؛ ثم يسبر المعارضات بطرقها، ويبين سلامة ظنه عنها، فهو الذي يجوز الاعتماد عليه في الفتوى. وهذا ما أوجبه القاضي [أبو بكر]- رضي الله عنه- في كل مسئلة على كل معلل؛ وقال: ما لم يسبر سائر المعاني والمفسدات، ولم يدفعها- لا يستقر قدمه.
وهذا قد اتفق أهل الأعصار على خلافه في مصلحة الجدال؛ لأن الجدال معاونة على النظر، ومصاولة بأسلحة الخواطر والفكر؛ ولو وظف على المعلل ذلك في الابتداء: لم يبق للخصم كلام؛ وانبث الأمر من غير جدوى.