وإذا بطل هذا المأخذ، فنقول: الجدل موضوع لتنقيح الخواطر وامتحانها بالتداور على درجات الفكر؛ ولإفحام الخصم، وقطعه بالإلزامات، ولذلك أجمعوا على قبول التعلق بمناقضات الخصم. وتعلق فريق بالتركيبات- وهم الأكثرون- ولم يجوزوا للمعترض أن يمنع النقض ويدل عليه. إلى غير ذلك: من أمور لا تخفى. فوجب- على الضرورة- رعاية مصلحة الجدال. فنقول الآن: كل طرد ذكره المعلل فهو مسموع؛ ثم هو مردود بطريقة: إن كان مردودا. ولابد وأن يذكر وجه رده بالنقض: إن كان منقوضا؛ أو بالمقابلة بفاسد يقاومه: إن كان فاسدا؛ أو بالمعارضة بتحكم يساويه: إن كان تحكما. حتى يجتزئ المعلل الطارد المفحش في طرده على قرب، ولا يطول الخصام بالمطالبة بإبداء وجه غلبة الظن، وتنازعهما في أن هذا مغلب أم لا، وتحاكمهما إلى أهل المجمع مع افتراق القرائح فيه. وهذا ما عهد من الأولين.
فيقول: اتفقنا على جواز التعليل بما لا يناسب. ونفرض مثلا في الجص، فنقول [مكيل فكان ربويا. فقيل: ولم قلت: إن البر ربوي لكونه مكيلا؟ فنقول:]، لابد من طلب علامة [لحكم] الربا،