تقرر أن القريب وارث، فإذ أبان أن القاتل لا يرث، علم أن القتل المذكور هو العلة في نفي الإرث، ولولاه لم يكن لإضافة الحكم إليه وتعريف محل الحرمان به، معنى.
وليس هذا مأخوذاً من المناسبة. فإنه لو قال: الطويل لا يرث، والأسود لا يرث، لكنا نقول: الطول الفاصل والسواد الفاصل، مناط الفصل، ومتعلق حرمان الميراث.
فإن قيل: إذا لم يعقل بين الطول والسواد وبين الحرمان للميراث مناسبة، ولا عرف له تأثير فيه، كيف يقال: إنه علة؟.
قلنا: لا سبيل إلى جحد كونه أمارة للحكم ومناطاً له، فإن امتنع ممتنع عن تسميته علة: فلا مشاحة في الاطلاقات؛ والعلل الشرعية أمارات، والمناسب المخيل لا يوجب الحكم بذاته، ولكن يصير موجباً بإيجاب الشرع ونصبه إياه سبباً له. وتأثير الأسباب في اقتضاء الأحكام عرف شرعاً، كما عرف كون مس الذكر وخروج الخارج [من السبيلين] مؤثراً في إيجاب الوضوء وإن كان لا يناسبه، وكما عرف كون القتل والزنا والسرقة أسباباً لأحكامها إلى تناسبها. فإذا كان معرفة الأمارات تنبيهات أو تصريحات: لم يفارق المناسب غير المناسب، إلا أن المناسب أجلى وأسبق إلى الفهم مما لا يناسب.