وقد تكون المناسبة -على تجردها -شرطاً مستقلاً، لكون الحكم المجرد الثابت على وفقها تنبيها على اعتباره والتعليل به -عند فريق من العلماء، دون فريق.
فالتنبيه إذا استند إلى مجرد ذكر الحكم، فارق المناسب غير المناسب. فإذا قال الشارع، حرمت عليكم شرب الخمر» فهو تنبيه على أن تحريمه لكونه مسكراً، مزيلاً للعقل: الذي هو ملاك التكليف، ومركب أمانة الشرع، ولا تنبيه على كونه معللاً بحمرتها القانية، ولا برائحتها الفائحة، ولا بتسمية العرب إياها خمراً، لأن هذه الأوصاف لا تناسب، ولا يحصل التنبه عليها بمجرد ذكر الحكم. فهذا مأخذ الفرق لا غير.
وكذلك إذا فرق بينهما بذكر الغاية. كقوله تعالى:{ولا تقربوهن حتى يطهرن} لو اقتصر عليه. وكذلك قوله جل من قائل: «ولا جنباً إلى عابري سبيل حتى تغتسلوا}. وكقوله تعالى:{فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره} فهذا كله تنبيه على أن ما جعل غاية للحكم مؤثرٌ وسببٌ في ارتباطه.
وكذلك ما يجري على صيغة الاستثناء، كقوله سبحانه وتعالى: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم، ولكن يؤاخذكم بما عقدتم