فإن قال قائل: كيف تخرجون على هذا تقديم الكفارة على الحنث، ومعتمد أصحابكم: أن السبب هو اليمين؛ وقد وجد، ولم يتأخر إلا الحنث، وهو شرط الوجوب؟
قلنا: العلة في الكفارة -عندنا- يمين كاذبة؛ فاليمين أصل، وكونها كاذبة صفة لها. وإنما تصير كاذبة بالحنث، فبه تحصل هذه الصفة. وإذا وجدت ذات العلة، ولم توجد صفتها -لم يتنجز الوجوب؛ ولكن: دخل وقت التقديم والأداء، وإنما عرف في هذا من الزكاة؛ فإن العلة: نصاب باق حولاً؛ فالنصاب أصل، والبقاء صفة. ونقصان الصفة لا يمنع التعجيل في عبادة مالية. فرأينا نسبة نقصان صفة اليمين بفوات الحنث، كنقصان صفة النصاب بانتفاء البقاء؛ فألحقناه به، ورأيناه في معناه.
وكذلك جوز الشرع تقديم الكفارة على الزهوق بعد وجود الجرح؛ والكفارة تجب بالقتل، والقتل عبارة عن جرح مزهق. والجرح [هو الأصل]، وكونه مزهقًا وصف لا يحصل إلا عند الزهوق. وتراخي الوصف -مع وجود الأصل- لا يمنع الأداء. فهذا وجه