ما يدعيه -ليطعن المنكر فيه- أضم للانتشار، وأحوى لأطراف الاعتبار.
فإن قيل: المجتهد لا يفتي [بالنفي] والبقاء على الحكم الأصلي، ما لم يعتقد انتفاء الدليل: إما علمًا، وإما ظنًا، وظنه وعلمه يحصل بمستند؛ فليبد في الجدال مستند ظنه.
قلنا: مستند ظنه السبر والبحث؛ وحاصله يرجع إلى عدم العثور، بعد بذل المقدور؛ وهو صالح لأ [ن] يكون عذرًا له بينه وبين الله سبحانه وتعالى؛ ولا يصلح أن يكون حجة ملزمة للخصم، فإنه يرجع بالآخرة إلى أن يدعي عدم الدليل وراء ما لاح له؛ ودعواه العدم لا تكون حجة على خمصه. فإنما يقدر على دعوى العدم: في حق نفسه، لا في حق خصمه؛ فيضطر بالآخرة إلى أن يكلف الخصم [إبداء] ما يضمره حتى يتكلم عليه؛ وتقوم مراتب النظر بينهما [به]. فليكلف ذلك ابتداء: لينتظم نشر الكلام، ويستلين قياد المرام، وتتذلل للخصمين مدارج الخصام.