فإن قيل: إذا تمسك المسؤول بالاستمرار على النفي. وطالب السائل بالدليل، [وامتنع عن إظهار الدليل الذي اختص بالتغيير]- رجع حاصله إلى دعوى الجهل بالدليل المغير؛ والسائل يسلم له جهله بالدليل، [ويمتنع عن إظهار الدليل] الذي اختص بمعرفته؛ ومنصب المسؤول يرتفع عن أن يتضمخ بمثل هذا القصور ويعترف بالجهل؛ فمن اعترف بالجهل على نفسه، فقد ألزم نفسه نهاية الذل والركاكة.
قلنا: منصب المسؤول يقتضي إحاطته بخيالات الخصم، واستقلاله بإبطالها بعد بذل المجهود: في الاستيعاب والحصر. ويتبين ذلك بقدرته على استئصال كل خيال بيديه. فإن أظهر مسلكًا [آخر] عجز المسؤول فيه -توجهت الدبرة عليه، وسدد سهام التشنيع والتعيير إليه. ولكن: ليس يلزمه في الابتداء إبداء تمام سبره؛ لأن ذلك يحوجه إلى ذكر الاحتمالات وتشعيب النظر في إفسادها؛ ثم لا ينتهي إلى حصر: يقطع لسان المجادل، ويمنع تجويز قسم آخر لم يعثر عليه. فتكليف الخصم إبداء