٢٣ - قال آدم وحواء: يا ربنا، ظلمنا أنفسنا بارتكاب ما نهيتنا عنه من الأكل من الشجرة، وإن لم تغفر لنا ذنوبنا وترحمنا برحمتك، لنكوننَّ من الخاسرين بإضاعتنا حظنا في الدنيا والآخرة.
٢٤ - قال الله لآم وحواء وإبليس: اهبطوا من الجنة إلى الأرض، وسيكون بعضكم عدوًّا لبعض، ولكم في الأرض مكان استقرار إلى وقت معلوم، وتمتُّعٌ بما فيها إلى أجل مسمى.
٢٥ - قال الله مخاطبًا آدم وحواء وذريتهما: في هذه الأرض تَحْيَوْنَ مدة ما قدر الله لكم من آجال، وفيها تموتون وتدفنون، ومن قبوركم تخرجون للبعث.
٢٦ - يا بني آدم، قد جعلنا لكم لباسًا ضروريًّا لستر عوراتكم، وجعلنا لكم لباسًا كماليًّا تتجَمَّلون به في الناس، ولباس التقوى -التي هي امتثال ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه- خير من هذا اللباس الحسي، ذلك المذكور من اللباس من آيات الله الدالة على قدرته، لعلكم تتذكرون نعمه عليكم فتشكرونها.
٢٧ - يا بني آدم، لا يَغُرَّنَّكم الشيطان بتزيين المعصية بترك اللباس الحسي لستر العورة أو ترك لباس التقوى، فقد خدع أبويكم بتزيين الأكل من الشجرة حتى كان مآل ذلك أن أخرجهما من الجنة، وبدت لهما عوراتهما، إن الشيطان وذريته يرونكم ويشاهدونكم وأنتم لا ترونهم ولا تشاهدونهم، فيلزمكم الحذر منه ومن ذريته، إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون بالله، وأما المؤمنون الذين يعملون الصالحات فلا سبيل لهم عليهم.
٢٨ - وإذا ارتكب المشركون أمرًا بالغ النكر كالشرك والطواف بالبيت عراة وغيرهما، اعتذروا بأنهم وجدوا آباءهم يرتكبونها، وأن الله أمرهم بذلك، قل -يا محمد- ردًّا عليهم: إن الله لا يأمر بالمعاصي، بل ينهى عنها، فكيف تَدَّعون ذلك عليه؟ أتقولون -أيها المشركون- على الله ما لا تعلمون كذبًا وافتراءً؟!
٢٩ - قل -يا محمد- لهؤلاء المشركين: إن الله أمر بالعدل، ولم يأمر بالفحشاء والمنكر، وأمر أن تخلصوا له العبادة عمومًا، وعلى وجه الخصوص في المساجد، وأن تدعوه وحده مخلصين له الطاعة، كما خلقكم من عدم أول مرة يعيدكم أحياء مرة أخرى، فالقادر على بدء خلقكم قادر على إعادتكم وبعثكم.
٣٠ - وقد جعل الله الناس فريقين: فريقًا منكم هداه، ويسَّر له أسباب الهداية، وصرف عنه موانعها، وفريقًا آخر وجبت عليهم الضلالة عن طريق الحق، ذلك أنهم صيَّروا الشياطين أولياء من دون الله، فانقادوا لهم جهلًا، وهم يظنون أنهم مهتدون إلى الصراط المستقيم.
[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
• من أَشبَهَ آدم بالاعتراف وسؤال المغفرة والندم والإقلاع -إذا صدرت منه الذنوب- اجتباه ربه وهداه. ومن أشْبَهَ إبليس -إذا صدر منه الذنب بالإصرار والعناد- فإنه لا يزداد من الله إلا بُعْدًا.
• اللباس نوعان: ظاهري يستر العورةَ، وباطني وهو التقوى الذي يستمر مع العبد، وهو جمال القلب والروح.
• كثير من أعوان الشيطان يدعون إلى نزع اللباس الظاهري؛ لتنكشف العورات، فيهون على الناس فعل المنكرات وارتكاب الفواحش.
• أن الهداية بفضل الله ومَنِّه، وأن الضلالة بخذلانه للعبد إذا تولَّى -بجهله وظلمه- الشيطانَ، وتسبَّب لنفسه بالضلال.