ولما ذكر الله الاستئذان عند الدخول ذكر الاستئذان عند الانصراف، فقال:
٦٢ - إنما المؤمنون الصادقون في إيمانهم هم الذين آمنوا بالله وآمنوا برسوله، وإذا كانوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمر يجمعهم لمصلحة المسلمين، لم ينصرفوا حتَّى يطلبوا منه الإذن في الانصراف، إن الذين يطلبون منك -أيها الرسول- الإذن عند الانصراف أولئك الذين يؤمنون بالله، ويؤمنون برسوله حقًّا، فإذا طلبوا منك الإذن لبعض أمر يهمهم فأذَنْ لمن شئت أن تأذن له منهم، واطلب لهم المغفرة لذنوبهم، إن الله غفور لذنوب من تاب من عباده رحيم بهم.
٦٣ - شَرِّفُوا -أيها المؤمنون- رسول الله، فإذا ناديتموه فلا تنادوه باسمه مثل: يا محمد، أو باسم أبيه مثل: يا ابن عبد الله، كما يفعل بعضكم مع بعض، ولكن قولوا: يا رسول الله، يا نبيّ الله، وإذا دعاكم لأمر عام فلا تجعلوا دعوته كدعوة بعضكم بعضًا في الأمور التافهة عادة، بل سارعوا إلى الاستجابة لها، قد يعلم الله الذين ينصرفون منكم خفية دون إذن، فليحذر الذين يخالفون أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصيبهم الله بمحنة وبلاء، أو يصيبهم بعذاب موجع لا صبر لهم عليه.
٦٤ - ألا إن لله وحده ما في السماوات وما في الأرض خلقًا وملكًا وتدبيرًا، يعلم ما أنتم -أيها الناس- عليه من الأحوال، لا يخفى عليه منها شيء، ويوم القيامة- حين يرجعون إليه بالبعث بعد الموت- يخبرهم بما عملوا من أعمال في الدنيا، والله بكل شيء عليم، لا يخفى عليه شيء في السماوات ولا في الأرض.
[سورة الفرقان]
مكية
[مِنْ مَقَاصِدِ السُّورَةِ]
الانتصار للرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد تطاول المشركين عليه.
[التَّفْسِيرُ]
١ - تعاظَم وكَثُرَ خيرُ الَّذي نزّل القرآن فارقًا بين الحق والباطل على عبده ورسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ ليكون رسولًا إلى الثقلين الإنس والجنّ، مخوّفًا لهم من عذاب الله.
٢ - الَّذي له وحده ملك السماوات وملك الأرض، ولم يتخذ ولدًا، ولم يكن له شريك في ملكه، وخلق جميع الأشياء، فقدّر خلقها وفق ما يقتضيه علمه وحكمته تقديرًا، كل بما يناسبه.
[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
• دين الإسلام دين النظام والآداب، وفي الالتزام بالآداب بركة وخير.
• منزلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقتضي توقيره واحترامه أكثر من غيره.
• شؤم مخالفة سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
• إحاطة ملك الله وعلمه بكل شيء.